معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > حجية أوامر أولياء الله و أفعالهم > حجية أوامر أولياء اللـه وأفعالهم ـ المحاضرة 10: جامعية ولي اللـه للأسماء والصفات الإلهية

_______________________________________________________________

هو العليم

سلسلة محاضرات
حجيّة أوامر أولياء اللـه وأفعالهم
المحاضرة العاشرة

جامعية ولي اللـه للأسماء والصفات الإلهية

 

ألقيت هذه المحاضرة في
22 جمادى الأول من سنة 1433هـ

 

سماحة آية اللـه

السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
والحمد للـه رب العالمين
وصلّى اللـه على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيّبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين

    

عدم الفهم الصحيح لمرتبة الولي هو سبب الإشكال على حجيتهم

ذكرنا في الجلسات السابقة للإخوة الكرام بأنّ أكثرَ الإشكالات على حجيّة فعل وليّ اللـه ناشئةٌ عن عدم الفهم الصحيح لمرتبة الوليّ، وأنّنا نتصوّر أنّ الولي الإلهيّ عبارة عن فردٍ من الأفراد مثلنا نحن، فكما أنّنا نتكلّم ونأكل ونشرب ونمزح ونضحك وننام ونرتاح ونشتغل في الأمور المختلفة وفي طلب العلم وكسب المعاش؛ فهو مثلنا يفعل ذلك، غاية الأمر أنّه أعلى منّا بدرجةٍ واحدة، وهو أفضل منّا بقليل وفهمه أكثر من فهمنا بعض الشيء، ولكنّنا لا نتصوّر أنّ وليّ اللـه أعلى من ذلك المقدار؛ بمعنى أنّه لا يمكن لفكرنا أن يتّسع لأكثر من ذلك! فما هو نصيب الطفل الصغير الذي يريد دخول الصفّ الأوّل الابتدائي من العلم والإدراك والفهم؟! إنّ أقصى ما يمكنه فعله هو أن يجمع ويطرح لا أكثر من ذلك، فهو يقدر أن يجمع ثلاثة مع ثلاثة لتعطي ستّة، ويجمع ستة مع ستة لينتج اثنا عشر وما شابه، بل هو لا يقدر على ذلك إلاّ بعد مدّة من الدرس أيضاً! حسناً.. إذا جئتم لهذا الطفل بشخص لم يطوِ إلاّ بعض الصفوف الدراسية بعنوانه مثالاً للدرس والتحصيل، أو جئتم له بشخص قد أنهى جميع المراحل التعليميّة، وهو يملك عدّة تخصّصات علمية أكاديمية في آن واحد بعنوانه مثالاً ونموذجاً للدرس والتحصيل؛ فكيف سينظر لكلّ واحد منهما؟ سيكون كلاهما واحداً في نظره ولن يرى فرقاً بينهما!! فهو إنّما يستطيع أن يشخّص بحدود علمه في الجمع والطرح البسيط، بغضّ النظر عن مستوى الشخص الذي أمامه.
إنّ نظرتنا ومعرفتنا للوليّ الإلهي هي بهذه المثابة!! يعني نحن بمثابة ذلك الطفل الذي أنهى مرحلة الروضة لتوّه ويريد أن يدخل إلى الصفّ الأوّل الابتدائي، فترانا ننظر إلى شمائل السيّد الوالد رحمه اللـه ونقول: بخٍ بخٍ، ما أعظمه من رجل! وما أعظم المراتب التي عنده!
فلو قال لنا أحدهم: حسناً أخبرنا ما هي المراتب التي عنده؟ فإنّنا سنعجز عن الجواب ونبقى هكذا حائرين! يقال لنا: إنّكم تدّعون أنّ هذا الرجل شخصٌ جيّد، وأنّ له مراتب رفيعة، ولا شكّ أنّ هذه المرتبة العالية لها تعريف يكشف عن حقيقتها، ولإحاطته العلمية تعريف، لكن غاية ما يمكننا أن نجيب به هنا هو أن نقول: إنّ له اطّلاعاً مّا على مكنونات ضمائرنا!
جيّد جداً، ولكن من الممكن أن يكون هناك الكثير من الأشخاص المطّلعين على الضمائر، ولكنّهم ليسوا من أولياء اللـه!! فماذا بعد ذلك؟! لقد صار كلا هذين الشخصين بمرتبة واحدة، فهل هذا غاية ما نستطيع الإتيان به؛ بأن نقول مثلاً: (البارحة خطرت في ذهني مسألة ما، وعندما جئت في اليوم التالي إلى السيّد العلاّمة أطلعنا على ما كان يجول في خاطرنا)؟! فما أهمّية ذلك؟ فحتّى تلاميذ العلامة يستطيعون أن يخبروك بذلك!! فأيّ فرق يبقى بين الأستاذ والتلميذ عندئذٍ؟! وما هو الفرق بين من وصل إلى هذه المرتبة الرفيعة بحيث نعبّر عنه بأنّ لديه هيمنة وسيطرة على الملك والملكوت، وبين من يرى مناماً، أو يخطر في باله أمر أو يحصل في قلبه خاطر ما فيتحقّق في الواقع، وما شابه ذلك من أمور تقع كثيراً للعديد من الأفراد... أجل فهذه الأمور موجودة بكثرة!!
حسناً، فما هو الفرق حينئذٍ بين هذين الاثنين؟! لقد صار كلاهما في نفس المرتبة! إنّنا أصلاً لا نستطيع أن نتصوّر مرتبة الولاية التي عند وليّ اللـه في أذهاننا! وأنا لا أتحدّث هنا عن تلك المراتب العالية التي قلت لكم: لا يمكننا ذكرها، فتلك لا تقبل الحديث عنها، بل نتحدّث عن المراتب النازلة فقط.. نتحدّث عن تلك المرتبة التي وردت في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللـه وأَطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم‏}[1]، فحتى هذه المرتبة لا نفهمها، ولا ندري ما هي حقيقتها، وما هو السرّ الذي يجعلنا مأمورين من قبل فطرتنا وعقلنا ومن قبل اللـه تعالى أن نطيع أولي الأمر في مراتب وجودنا الثلاثة؟ إنّنا لا نفهم هذا المطلب برمّته!
لقد كان الإمام السجّاد عليه السلام جالساً يتحدّث مع بعض الأفراد حول أنّه إذا مات شخصٌ فجأةً، فإن كان هذا الشخص مؤمناً؛ فإنّ ذلك يكون باعثاً لزيادة حسناته، ويكون ذلك رحمةً من اللـه تعالى له وسبباً لترقّيه، ولهذا عندما يحمله المشيّعون إلى القبر فإنّه يقول لهم: عجّلوا بي إلى القبر لما يراه من النعيم. وأمّا إن كان منافقاً أو كافراً، فالذي أصابه إنما هو بسبب غضب اللـه عليه، ويسبّب له الحسرة والتأسّف، وعندما يحمله المشيّعون إلى قبره، فإنّه يناديهم قائلاً: توقّفوا!! لا تأخذوني إلى هناك! وكان رجلٌ حاضراً في ذلك المجلس فصار يسخر من كلام الإمام، فضحك الحاضرون، حيث قال للإمام باستهزاء: إنْ كان الأمر كما تقول، فهذا الذي يفرح بدخول القبر ينبغي أن يرمي بنفسه في القبر ولا ينتظر أن يدخلوه، وأمّا ذاك الذي ينادي ويصرخ؛ لا تأخذوني ولا تضعوني في القبر فلا داعي للصراخ بل يكفي أن يقفز ويهرب من هناك!! فضحك بعض الأفراد الحاضرين. فقال له عليه السلام: إن كنت قد قلت ما قلت مستهزئاً ساخراً فأسأل اللـه أن يبتليك بنفس هذه البلية؛ فلم يمرّ عليه أربعون يوماً حتّى مات فجأةً كما دعا عليه الإمام عليه السلام تماماً.

    

النبي والإمام والولي أجل من أن يوصفوا

حسناً.. إذا جاء الإمام عليه السلام أو أحد الأولياء الإلهيين وذكر مطلباً ما، فكيف ينبغي أن تكون حالتنا تجاه هذا المطلب الذي ذكره؟! وكيف ينبغي أن نتعامل مع هذه القضيّة؟ فالإمام عليه السلام هو في مرتبةٍ لا تصل إليها أوهام العقول كما قال الإمام الرضا عليه السلام[2]، وربّما كان كلام الإمام عليه السلام هنا يشير إلى ذلك المطلب؛ وهو أنّ أولياء اللـه يقعون في مرتبة غير قابلة للإدراك أصلاً.
لقد خطرت الآن في بالي رواية عن الإمام الهادي عليه السلام يرويها عنه الفتح بن يزيد الجرجاني حيث كان مرافقاً للإمام عليه السلام في الطريق من مكّة أو في الطريق إلى الحجّ بحسب الظاهر، يقول الإمام عليه السلام في هذه الرواية للفتح:"... يا فتح، كما لا يوصَف الجليلُ جلّ جلالهوالرسول والخليل وولد البتول؛ فكذلك لا يوصف المؤمن المسلّم لأمرنا ..."[3]
يقول الإمام عليه السلام في هذه الرواية: إنّ اللـه تعالى أجل من أن يقع مورداً لتوصيف الآخرين، فهو وحده القادر على وصف نفسه، أمّا غيره فلا يستطيع ذلك كما قال تعالى: {سُبْحانَ اللـه عَمَّا يَصِفُون‏}[4]، فكذلك رسوله صلّى اللـه عليه وآله، أي كما أنّ اللـه تعالى يستحيل وصفه، فكذلك الرسول صلّى اللـه عليه وآله أعلى وأجلّ من أن يوصف.. فالإمام عليه السلام يقول: إنّ عجزنا عن وصف النبي هو مثل عجزنا عن وصف اللـه تعالى، حيث لا نستطيع أن نصف اللـه! فكذلك رسول اللـه أعزّ وأجلّ من أن يوصف من قبل الآخرين، فاللـه تعالى هو الذي يقوم بوصف رسوله بنفسه، أمّا الآخرون فلا يقدرون على ذلك!
ولكن ما الذي كان عند رسول اللـه صلّى اللـه عليه وآله حتّى صرنا عاجزين عن وصفه؟! إن كان الأمر بلحاظ الظاهر؛ فالرسول كان ينام ويستيقظ ويأكل ويشرب، ويستريح ويمشي ويتحرّك في المجتمع، ويصلّي ويصوم، وكلّ هذه الأمور نحن نراها، فنحن نشاهد صلاته وصيامه، فالصيام يعني الامتناع عن الطعام والشراب وعدم إدخال الدخان الغليظ وعدم رمس الرأس في الماء وما شابه ذلك من المفطرات. أهناك شيءٌ آخر غير هذه؟! وإن كان قائماً يصلّي ويعبد، فنحن أيضاً نصلّي ونعبد!!

    

الفرق بين صلاتنا وصلاة الولي

لقد تحدّثت للرفقاء الكرام في ليالي شهر رمضان في العام الماضي أو الذي قبله (إن كنتم تذكرون) حول كيفية صلاة أولياء اللـه، وذكرت مجموعة من المطالب حول هذا الموضوع في عدّة جلسات، وذكرنا هناك الفرق بيننا وبينهم.. [فالبعض يرى بأنّه] عندما نقول: {إياك نعبد وإياك نستعين} فينبغي أن يكون ذلك على سبيل الحكاية، ولا يصحّ أن نقوله على سبيل الإنشاء (وهذه المصطلحات تخصّصية ومتعلّقة بأهل العلم بشكل أكبر)، أو عندما نقرأ {قل هو اللـه أحد}، فينبغي أن نتلوها على سبيل الحكاية، بمعنى أنّ اللـه تعالى يقول لنبيّه: {قل هو اللـه أحد}، ونحن نحكي قوله بدورنا!! لقد أتعبنا أنفسنا كثيراً، وأتينا بشيء عظيم! فاللـه تعالى يقول لنبيه: {هو اللـه أحد}، واللـه يقول لنبيه: {اللـه الصمد}، واللـه يقول لنبيّه: {لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَد، ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد}، ونحن يجب علينا أن نقول ذلك أيضاً! فهل هذه تكون صلاةً؟! يعني هل هذه صلاة واقعاً؟!
يعني عندما نقول: اللـه أكبر، فإنّ نيّتنا يجب أن تكون: إنّ اللـه قال لنبيّه : قل هو اللـه أحد ؟! ولا أدري في أيّ قالب يمكن أن نضع هذه الصلاة؟! وماذا يمكن أن نعبّر عنها؟ أصلاً هل يمكنكم في هذه الصورة أن تقيموا ارتباطاً مع اللـه تعالى؟! اللـه سبحانه قال لنبيّه كذا، فما علاقتي أنا بذلك؟! اللـه سبحانه أمر نبيّه أن يقول: هو اللـه أحد، فكلمة (قلْ) تعني الأمر بالقول، وهذا الأمر خطابٌ لمن؟ خطاب للنبي صلى اللـه عليه وآله، فاللـه لم يوجّه الخطاب لنا بل للنبي، ونحن نقول هذا الكلام لأنّ اللـه قاله للنبي، يعني نحن نقول لله تعالى: بما أنّك قلت هذا الكلام للنبي، فنحن بدورنا نقوله أيضاً!! إذا كان الأمر كذلك فنحن لم نقم أيّ ارتباط وصلة مع اللـه تعالى، بل غاية الأمر هو أننا اعتبرنا الجنبة الحكائية لا غير، يعني هذا مثل أن تقوم بنقل مطلب من شخصٍ مّا لشخصٍ آخر، فدورك هو نقل الكلام للشخص الآخر، ولا ربط لك بهذا الكلام المنقول، فأنت لست المخاطب فيه، بل هو متعلّق بشخص آخر، ونحن لسنا إلى ناقلين بمثابة ساعي البريد.. نذهب إلى الشخص الآخر فنقول له: إنّ فلاناً قال عنك كذا، فيقول لنا: شكراً جزيلاً على إيصال الرسالة لي، وشكراً على رعايتكم للأمانة في النقل!! ولكن ما هي علاقتك أنت بهذا الكلام؟! لا علاقة لي أصلاً، فأنا دوري أن أوصل الرسالة وقد أوصلتها! في أمان اللـه.
إنّ الصلاة التي نأمر الناس بها هي هذه الصلاة! فنحن نقول لهم: أيّها الناس، إنّ اللـه قال للنبيّ: { قل هو اللـه أحد }، فعليكم أنتم أن تقولوا ذلك أيضاً.
قارنوا هذه الصلاة بتلك الصلاة التي يصلّيها ذلك العارف باللـه وبأمر اللـه، فهو عندما يقول: {قل هو اللـه أحد} فإنّه يتّصل بمقام هوهويةاللـه تعالى، ويصير مندكّاً وفانياً باللـه تعالى. باللـهعليكم، أخبروني ما هو مقدار التفاوت بين هاتين الصلاتين؟! إنّ التفاوت بينهما كالتفاوت بين الفرش والعرش! فالصلاة التي نطلب من الناس أن يصلّوها هي "صلاة الفرش"، وهي حتّى لا تصعد سانتيمتراً واحداً! وأمّا تلك الصلاة التي يصلّيها ذلك العارف الإلهي فهي "صلاة العرش"!! إنّ هذا مثال جزئي جداً وقابل للإدراك واللمس جيداً..
ما الذي كان يقصده السيّد العلاّمة الطهراني رضوان اللـه عليه بقوله: "إنّ السيّد الحدّاد إذا وقف يصلّي فإنّه لا يبقى منه شيء في وجوده"؟ ما معنى ذلك؟ معناه أنّ سماحته عندما يصلّي لا يبقى عنده أيّ إحساس أو التفات، فلا يدري بما يجري حوله، ولا يشعر بمن يتحرّك على جانبه فهذا جالس وذلك نائم، ولكنّه لا يدري عنهم شيئاً، فهو عندما يقيم الصلاة لا يدري أنّ شخصاً ما يمرّ من جانبه.. أين هذه الصلاة من تلك الصلاة التي نقول فيها للناس أنّه إذا قلتم في الصلاة: {إيّاك نعبد وإياك نستعين} فينبغي أن تقولوها على نحو الحكاية، يعني أنتم لا تقولون هذا الكلام واقعاً وكأنّكم تعنون ما تقولون، لأنّكم إن فعلتم ذلك، وقلتم هذا الكلام بقصد فعليّ فذلك يعدّ كذباً، لأنّنا لا نعبد اللـه واقعاً حقّ عبادته، وبما أنّ ذلك يعدّ كذباً فينبغي أن نقرأ هذه الكلمات بهذه النيّة: يا ربّ، كما أنّك قلت لنبيّك أن يقرأ {إياك نعبد...}، فنحن نقول ذلك أيضاً، فنحن نحكي ذلك وننقله ليس إلاّ، دون أن يكون لنا أيّة علاقة بفحوى الكلام، بل نحن مأمورون أن نذكر نفس الكلام الذي قاله الرسول صلّى اللـه عليه وآله، ولولا أنّه قال هذا الكلام لَـمَـا ذكرناه بدورنا! ولو لم يأمرنا الرسول بالصلاة لما صلّينا، ولقلنا: جيّد جداً لقد ارتحنا [من هذا التكليف]! فنحن إنّما نمتثل أمر النبيّ صلّى اللـه عليه وآله عندما قال:"صلّوا كما رأيتموني أصلّي".
حسناً.. إنّ هذا أيضاً نوعٌ من أنواع الصلاة! ولكن ما نتيجة هذه الصلاة؟ إنّ نتيجتها كما حكيت لكم ذات مرّة، فأنا كنت [أصلّي جماعةً] فجلست للتشهّد في الصلاة، وكان إلى جانبي شخصٌ ممّن يدرّس البحث الخارج، وعندما كنت أقرأ التشهد انحنى ظهري قليلاً إلى الأمام، فمدّ يده وقوّم ظهري، ثمّ تكرّر منه ذلك أكثر من مرّة! يا عزيزي، ما الذي تفعله هنا؟ هل أنت تقوّم ظهري لأجلس باستقامة أم أنّك تصلّي الآن؟! واللطيف أنّني كنت بشكل لا إرادي أعود إلى الحالة السابقة من انحناء الظهر، فكان في كلّ مرّة يقوّم ظهري، [يبتسم سماحة السيّد] وقد تكرّر ذلك أربع مرّات أو خمساً في تلك الدقيقة التي قرأنا فيها التشهّد! فلمّا انتهينا من الصلاة قلت له: هل كنت مشغولاً بالصلاة أم بتقويم ظهري؟! فقال بصوت رخيم: يا سيّد، إنّ الصلاة باطلة إذا فعلت ذلك!! وما علاقتك أنت بذلك يا عزيزي، اذهب واهتمّ بتشهّدك أنت! أجل.. هذا نوعٌ من الصلاة، والحال أنّ هذا الشخص كان من مدرّسي البحث الخارج!
وفي المقابل توجد تلك الصلاة التي إذا قام صاحبها ليصلّي، فإنّه لا يشعر أصلاً بأنّ شخصاً قد مرّ من جانبه! باللـه عليكم، أخبروني أيٌّ من هاتين الصلاتين تُرفع؟! وأيّها تقع مورداً لقبول الحقّ سبحانه؟! أيّة واحدة منهما؟!

    

إلحاق الولي بالنبي والإمام في عدم القدرة على وصفه

هل ينبغي أن نكتفي فقط بلقلقة اللسان [عندما نتحدّث عن مقام الأئمّة عليهم السلام] فنقول: أجل لقد كانوا من العظماء؟! هل يكفي ذلك لوحده؟! إنّ الإمام الهادي عليه السلام يقول للفتح بن يزيد الجرجاني:"يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله والرسول ...".. يعني كذلك الأمر بالنسبة للنبي صلّى اللـه عليه وآله، فإنّ أحداً لا يستطيع أن يقوم بوصف رسول اللـه أيضاً. حسناً، دعونا الآن من الأولياء من أمثال السيّد الحدّاد والعلاّمة الطهراني والعلاّمة الطباطبائي رضوان اللـه عليهم، ولنتحدّث عن رسول اللـه نفسه الذي له هذا الوضع وهذه الموقعيّة. هذه الصلاة التي يصلّيها رسول اللـه صلّى اللـه عليه وآله في تلك الحال .. ما هو التعريف الذي يمكنكم أن تقدّموه عن هذه الصلاة؟ ففي أيّ حالٍ هو؟ وفي أيّ أفقٍ يحلّق؟ هل يمكنكم أن تدركوا ذلك وأن تصلوا إليه؟ وهل يمكنكم أن تصلوا إلى هذا المقام فتقولوا: أنا في ذلك المقام الذي هو فيه؟ هل يمكنك ذلك؟ إنّنا في الواقع عاجزون عن وصف تلك الحالة.
ثمّ يكمل عليه السلام كلامه للفتح قائلاً: ".. ولا يوصف الحجّة "[5].. أي فكذلك الأئمّة المعصومون عليهم السلام أجلّ من أن يوصفوا، فلا يمكن لأحد أن يصفهم إلاّ اللـه سبحانه وتعالى.
حسناً.. إلى هنا نحن نقبل هذا الكلام ونؤمن به إجمالاً، وإن كنّا في الواقع لا نفهم حقيقته! أجل.. بدون مجاملة أقول: نحن لم نفهم هذا الكلام؛ لأنّنا لو كنّا نفهمه لما ضحكنا من كلام الإمام السجّاد عليه السلام! ولو كنّا نفهم شيئاً لما وقفنا في وجه أمير المؤمنين والإمام الحسن عليهما السلام! فتبيّن أنّنا في الواقع لا نفهم شيئاً.
حسناً.. نحن نقبل هذا الكلام ونؤمن به بالإجمال، ونقول: حتّى الآن لا بأس. والآن لنمضِ إلى بقيّة كلامه عليه السلام، فالإمام عليه السلام بعد أن ذكر أنّ اللـه سبحانه أجلّ من أن يوصف، وأنّ رسول اللـه صلّى اللـه عليه كذلك لا يقبل التوصيف، وأنّ الأئمّة عليهم السلام كذلك لا يمكن توصيفهم؛ قال عليه السلام: "فكذلك لا يوصف المؤمن المسلِّم لأمرنا"، فالمؤمن الذي امتحن اللـه قلبه، فنجح في الامتحان وخرج منه ظافراً مرفوع الرأس هو كذلك غير قابلٍ للوصف! فالإمام هاهنا قد جعل العجز عن وصف اللـه تعالى، والعجز عن وصف الرسول صلّى اللـه عليه وآله، والعجز عن وصف الأئمّة عليهم السلام، والعجز عن وصف المؤمن المسلّم لهم في مستوى واحد.. في سطح واحد!! وعليك أن تستنتج أنت بنفسك تفاصيل المسألة من هذا الأمر، لتعرف ماذا هناك؟! فهذا المؤمن ـ ولنفرض أنّه سلمان الفارسي رضوان اللـه عليه مثلاً ـ في أيّ مقام وفي أيّ أفق هو بحيث صرنا عاجزين عن وصفه؟ لا حاجة للإجابة عن ذلك! [فالإمام عليه السلام جعل هؤلاء الأربعة في سطح واحد من حيث العجز عن معرفتهم:] "اللـه .. الرسول.. الإمام.. المؤمن"، فمن الواضح أنّ هذا المؤمن هو ذلك الذي وصل إلى مقام الفناء الذاتي.. يعني أنّ نفسه قد فنيت عن مرتبة البشرية، وحصل لها اندكاك وفناء في مرتبة الربوبية. وها هنا نجد أنّ الروايات والأحاديث القدسية كثيرة جداً في هذا المقام:"أقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون"[6]، فأنا أقول لأيّ ماهيّة من الماهيّات التي لها قابلية للتحقّق الخارجي: كن، فتكون؛ وكذلك أنت أيّها المؤمن وعبدي الصالح مثلي في ذلك.. تقول للشيء: كن، فيكون! وهذا حديث قدسي معروف ونصّه الكامل: "عَبْدِي أطِعْنِي حتى أجْعَلَكَ مِثلي (أو مثَلي) أقُولُ لِلشَّيءِ: كُنْ! فَيَكُونُ وتَقُولُ لِلشَّيءِ: كُنْ فَيَكُونُ!".حسناً.. من هنا يتبيّن أنّ سبب حصول الشك والشبهات لدينا إنما هو عدم اطّلاعنا وإشرافنا على مرتبة الوليّ , وأنّنا لا ندري في أيّة مرتبة من المراتب هو.

    

الإمام والولي كلاهما لديه مقام جامعية الأسماء والصفات الإلهية

وما يقوله البعض من: أنّ الأئمّة عليهم السلام عندهم مقام الجامعيّة للأسماء والصفات الإلهية جميعاً، ولذا صار لهم حقّ الأمر والنهي، وأمّا وليّ اللـه فليس له هذا الحقّ؛ لأنّه لم يصل إلى ذلك المقام من الجامعيّة الذي عند الإمام، فمن الممكن أن يكون لولي اللـه ظهور لاسمٍ واحدٍ فقط من الأسماء الإلهية أو اسمين أو وصفين من الأسماء والصفات.. هو كلام فارغ مختلق لا دليل عليه! فمن أين جئتم بهذا الكلام؟ ومن الذي قال أنّ الوليّ الإلهي يظهر فيه اسم واحد من الأسماء الإلهية؟! هل تقولون بهذا الكلام من عندكم؟! لا يصحّ أن يطلق الإنسان الكلام هكذا دون مستند!
إنّ الأسماء والصفات الإلهيّة معروفة ومشخّصة وهي اسم العليم واسم القدير واسم الحيّ. واسما العليم والقدير يرجعان إلى اسم الحيّ، واسم الحي هو منشأ بروز العلم والقدرة، لذا فاسم الحيّ له تساوي مع مرتبة الهوهوية بخلاف مرتبة العلم والقدرة، فهما يفعلان في مراتب ما دون الذات، ويعدّان من ظهورات الذات. إنّ نفس حياة ذاتٍ من الذوات ونفس بقائها واستمرارها يطلق عليه اسم الحياة؛ وبالتالي فإنّ الحياة ليس اسماً منفصلاً عن الذات، وهو في ذلك مثل مرتبة اسم "هو" التي هي مرتبة الأحدية نفسها.. (ولا يخفى أنّ البعض قد خالف في هذه المسألة وقال: إنّ مرتبة الأحدية هي مرتبة دون مرتبة الهوهوية، ولكن ما يبدو بنظري القاصر هو أنّ مرتبة الأحدية هي نفس مرتبة الهوهوية؛ وذلك أنّ "أحديّة الذات" تعني الحقيقة التي لا تقبل الاثنينية والعددية، وهذه المرتبة هي عينها مرتبة "هو" وهي نفسها مرتبة بساطة الوجود، وهي نفسها مرتبة إطلاق الوجود، وهي نفسها مرتبة الوجود اللامتناهي للحقّ سبحانه).. إنّ اسم الحي له نفس هذه الحالة، ولهذا فإنّ اسم العليم واسم القدير ـ بالرغم من كونهما اسمين ملازمين للذات ولا ينفكّان عنها ـ إلاّ أنّهما دون شكّ من حيث الرتبة والأفق يقعان دون الذات، فالعلم ناشئ من الذات؛ وبالتالي فالذات علّةٌ للعلم. والقدرة ناشئة من الذات؛ وبالتالي فالذات علّة للقدرة. أمّا الحياة فليست ناشئة من الذات، بل الحياة هي نفس الذات وعين الذات. واضح؟ ثمّ هذان الاسمان من أسماء الحقّ يوجبان بروز أسماء أخرى وصفات أخرى، وهذه الأسماء والصفات تقع في مرتبة دون ذلك.
حسناً.. حديثنا هنا في هذه المسألة هو أنّ تجلّي الذات في الإمام عليه السلام بعنوان تجلّي الحياة في المرتبة الأولى، وبعنوان العلم والقدرة في المرتبة الثانية.. هل هذا التجلّي غير موجودٍ في وليّ اللـه؟! فإن لم يكن كذلك فماذا؟! يعني إنّ تجلّي الذات الإلهيّة الذي هو مقام البقاء بعد الفناء باللـه.. هذا التجلّي كما أنّ له في جنبة الحياة جرياناً وسرياناً في وجود وليّ اللـه، كذلك له سريان وجريان في مرتبة العلم والقدرة أيضاً، وجميع الأسماء والصفات الباقية ينشئان من هذين الاسمين؛ فما هو الفرق إذاً بين الولي والإمام من هذه الجهة؟! وما هذا الكلام الذي نطلقه على عواهنه فنقول: (إنّ الإمام عليه السلام له مظهرية في جميع أسماء اللـه وصفاته، بخلاف وليّ اللـه الذي ليس له مظهرية إلاّ في اسم واحد لا غير)؟! حسناً.. أخبروني ما هو ذلك الاسم الواحد؟! أيّ اسم هو؟! لقد سألت في الجلسة الماضية بأنّه: ذلك الاسم أو الوصف الذي تدّعون أنّه ـ دون غيره ـ يتجلّى في وليّ اللـه.. أيّ اسم هو؟ لا يصحّ أن يأتي الإنسان ويلقي الكلام جزافاً، بل ينبغي أن يكون للكلام مبنىً يعتمد عليه، وينبغي أن يكون كلامه مبنياً على الحساب والدقّة، وأن يكون معتمداً على العلم والمعرفة، لا أن يقول كلّ ما يخطر في باله!
فما هو ذلك الاسم الذي تدّعون أنّه عند الإمام عليه السلام، وليس عند وليّ اللـه؟! أخبروني ما هو ذلك الاسم؟! فأسماء اللـه تعالى مشخّصة ومعروفة وهي: العلم والحياة والقدرة، ومن هذه تنشأ الأسماء الأخرى؛ كالغضب والرحمة والعطوفة والخلق والأسماء وسائر الصفات الوجودية والفعلية لله تعالى التي نعرفها، والتي يمكنه بسببها أن يؤثّر في وجود نفسه وفي الكون والخارج. حسناً.. أخبروني ما هو ذلك الاسم الموجود لدى الإمام عليه السلام وليس موجوداً لدى وليّ اللـه؟ إن كان هو العلم؛ فوليّ اللـه عالمٌ أيضاً، فاذهبوا واسألوا وليّ اللـه عن أيّ شيء تريدونه من الملك والملكوت والأرض والسماء والماضي والمستقبل إلى يوم القيامة.. بشرط أن يكون المسؤول هو ذلك الوليّ الذي ذكرته سابقاً، والذي بيّنت أوصافه وخصائصه في المجلّد الثاني من كتاب "أسرار الملكوت"، فالمقصود هو ذاك الوليّ.. لا كلّ شخصٍ يدّعي لنفسه المقامات، بل المراد ذلك الوليّ الذي وصل إلى مرتبة البقاء بعد الفناء. فما هو الشيء الذي تجهلونه في عالم الوجود، وهو لا يستطيع أن يكشفه لكم؟! تفضلوا أخبروني..
أم أنّكم تدّعون أنّ الميزة هي في كون الإمام يقدر على أمورٍ غير عادية؟! أو مثل ما فعل آصف بن برخيا (فأمثال ذلك قد صدر من آصف بن برخيا وصيّ سليمان عليه السلام فضلاً عن الإمام سلام اللـه عليه)، إنّ آصف بن برخيا قام بردّ الشمس لسليمان عليه السلام، وأحضر له عرش بلقيس في طرفة عين! حسناً، سؤال هنا هو أنه: ألا يقدر وليّ اللـه أن يوقف الشمس أيضاً؟! أقسم بجدّي أنّه يقدر على ذلك... أقسم بجدّي الذي أوقف الشمس وردّها.. بل ردّها مرّتين؛ مرّة في زمان رسول اللـه، ومرّة أخرى حينما كان عائداً من صفّين... أقسم بجدّي بأنّ وليّ اللـه قادر على فعل ذلك أيضاً، ولن أخوض في تفاصيل هذه المسألة.
الإمام عليه السلام يستطيع أن يحيى الموتى.. ألا يقدر على ذلك؟! بلى طبعاً يقدر، فهو إمام! حسناً، ألا يقدر الوليّ الإلهي أن يحيى الموتى أيضاً؟! بلى، أقسم بجدّي أنّه قادر على ذلك، وقد رأيت ذلك بأمّ عيني!! (ولا بأس بذكر ذلك فعلاً! ولن أذكر أكثر من ذلك من التفاصيل) ولم يكن ذلك شعوذة ولا خداعاً بصرياً ولا سحراً ولا مناماً، بل لقد رأيت ذلك كما أنّني الآن أراكم بعينيّ هاتين، فأنا لا أراكم الآن في المنام!
يقول السيّد الوالد رضوان اللـه عليه، (و هو ينقل هذه المسألة عن المرحوم الأنصاري رضوان اللـه عليه، بل إنّ سماحته قد نقل هذه المسألة في كتاب معرفة المعاد بنفسه[7]، وهذه الأمور قد صارت واضحة ومسلّمة بحيث لا ينبغي أن نضيّع الوقت في إثباتها، ولكن لا بأس بذكرها من باب المثال والنموذج ويكون ذلك ذكراً للمرحوم الأنصاري رضوان اللـه عليه) : ينقل المرحوم الأنصاري الهمداني في أحد مجالسه (ولا أدري إن كان الإخوان قد أوردوا هذه القضيّة في كتاب "مطلع الأنوار"[8] أم لا، فإن كانوا قد أوردوها فبها، وإلاّ فينبغي ذلك) ينقل سماحته بأنّ أحد الأشخاص ذكر هذه المسألة بنفسه للمرحوم الأنصاري، يقول: لقد كنت مخالفاً ومعارضاً للعرفان ولهذه المسائل.. وللقضيّة تفصيل.. لكنه في النهاية يقول: في أحد الأسفار كنّا في الكوفة نريد الذهاب إلى النجف الأشرف، وكنّا ننتظر قطار "الريل" الذي كان ينقل الركاب بين الكوفة والنجف، فجاء شخص يلبس ثياباً عاديّة، فقال لي: هيّا بنا، دعنا نذهب سويّاً مشياً على الأقدام (وقد قرأت هذه القصّة من الدفتر الشخصيّ لوالدي عندما كنت صغيراً وكان سنّي حوالي اثني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة، حيث كان سماحته يدوّن الأمور المهمّة بخطّ يده وبقلم الحبر، وكم كان دقيقاً ! فإذا أخبره الشيخ الأنصاري شيئاً كان يدوّن ذلك ذاكراً التاريخ والمكان الذي سمعه منه، وكنت آخذ هذا الدفتر فأقرأ القصص والمسائل التي كتبها هناك، وما زلت أذكر هذه القصّة منذ ذلك الزمان) والحاصل أنّهما تحرّكا معاً، وصارا يتحدّثان فوصل بهما الكلام إلى الحديث عن أولياء اللـه، فقال ذلك الرجل الغريب له: ما هو الأمر الذي تطلبه لكي تعتقد بحقّانية هذه المطالب وصحّتها؟ فقال: أريد أن أرى شخصاً يحيي الموتى أمامي! فقال له: هذا فقط؟! هل تعتبر هذا أمراً مهمّاً؟! (وأنا أقول نيابة عنه: كان الأولى أن تطلب العلم، والإدراك والفهم، والوصول إلى المراتب العالية! فما أهميّة أن ترى إحياء الموتى؟! افرض أنّك رأيت ذلك، فكم يضيف ذلك إلى علمك؟! لا يضيف شيئاً!! هل رأيتم كم أنّ نظرنا قصير وضيّق؟! فكلّ ما يهمّنا أن نرى إحياء الموتى!) قال له ذلك الرجل: جيّد جداً، فوصلوا آنذاك إلى خندق في وسط الطريق بين النجف والكوفة، والرفقاء الذين ذهبوا إلى هناك يعرفون هذا الخندق فآثاره موجودة، ولمّا وصلوا إليه، كان فيه بعض الحيوانات التي كانت قد سقطت فيه وماتت، فتجد قطّة هنا، وكلباً هناك، وغير ذلك، وكان من ضمن ذلك حمامةٌ ميّتة هناك، وكان من الواضح أنّ هذه الحمامة قد ماتت منذ زمن طويل بحيث أنّها قد صارت متيبّسة والكثير من أعضائها قد تلاشت، فقال له ذلك الرجل: ما رأيك هل تصدّق إن أنا أحييتُ هذه الحمامة؟ فنظر إليها فوجد أنّها قد ماتت منذ زمان بعيد بحيث أنّها تكاد تتلاشى، فاقترب منها، ولمسها بيده فوجدها متيبّسة بشكل كامل. وهنا جاء ذلك الرجل وتلا دعاءً ثمّ قال: قومي وطيري بإذن اللـه‏! فإذا بريش الحمامة يجتمع عليها، وأعضاؤها تكتمل بعد أن كانت متلاشية، ثمّ قامت وبدأت بتحريك جناحيها ثمّ طارت وذهبت بعيداً !! فظلّ هذا الشخص متحيّراً ومبهوتاً ممّا رأى! فهذا لم يكن خداعاً بصرياً ولا شعوذة ! كلاّ فالحمامة قد عاشت وطارت فعلاً، فصار يفرك عينيه ليتأكّد أنّه ليس نائماً !! وذهب ليتأكّد من موضع الحمامة، فوجد أنّها لم تعد موجودة، وأنّها فعلاً قد طارت وذهبت!! [يضحك سماحة السيّد ويقول مازحاً:] يا لحسن حظّ هذه الحمامة، فبعد أن ماتت لمدّة من الزمان منحها هذا الوليّ بضعة سنوات أخرى من الحياة ثانيةً!
حسناً.. فهذا الوليّ قد فعل نفس ما يفعله الإمام عليه السلام. أليس هذا ما يفعله الإمام؟! ألم يفعل النبي موسى والنبي عيسى عليهما السلام مثل ذلك؟! فما هو الفرق بين تبديل النبي موسى عصاه إلى حيّة وبين إحياء هذه الحمامة؟! كلاهما أمرٌ واحد. وما هو الفرق بين ما كان يفعله عيسى عليه السلام؛ حيث قال تعالى مخاطباً عيسى عليه السلام: {وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى‏ بِإِذْني‏}[9]، وبين ما فعله هذا الوليّ؟! كلاهما أمرٌ واحد!

    

عدم الفرق بين الإمام عليه السلام وولي اللـه في بيان مصالحنا

هذا بالنسبة للإحياء، واسم الإماتة كذلك أيضاً، فالإمام يميت، ووليّ اللـه يميت. ألم يقم السيّد القاضي بإماتة تلك الحيّة؟! بل إنّ أفراداً أقلّ من سماحته يمتلكون القدرة على ذلك كما بيّنت سابقاً. وكذلك الأمر بالنسبة للعلم، فإنك لو سألت الإمام عن أيّ شيء فإنّه سيجيبك، وكذلك إن سألت ولي اللـه فإنّه سيجيبك أيضاً، إن رأى الصلاح في ذلك، فهو يجيب إن أراد ذلك إلاّ أن يرى أنّه لا صلاح في ذلك؛ ففي النهاية موقعية وليّ اللـه تختلف عن موقعيّة الإمام عليه السلام، وذلك أنّ الإمام عليه السلام هو الحجّة على جميع الخلائق، وبالتالي فإنّ تكليفه يختلف عن تكليف وليّ اللـه، وربّما لا يكون تكليف وليّ اللـه أن يجيب الآن، ولكنّ المهم هو أنّه يقدر على ذلك!وكلامنا هو في هذه المسألة: ما هي الحاجة التي نريدها من الإمام عليه السلام.. ولا يمكن لنا أن نحصّلها ونقضيها من خلال وليّ اللـه؟ ما هي هذه الحاجة التي تُقضى هناك ولا تقضى هنا؟! أرجو أن تبيّنوا لنا ذلك. في النهاية لا يصحّ للإنسان أن يلقي الكلام هكذا كيفما اتّفق! تعالوا وقولوا مثلاً: نحن في هذه المسألة وجدنا أنّ وليّ اللـه ظلّ عاجزاً ولم يقدر أن يلبّي حاجتنا، أو قولوا: إنّ وليّ اللـه لم يتمكّن من الإجابة على السؤال الفلاني، أو مثلاً: في القضيّة الفلانية لم يتمكّن الوليّ الإلهي من أن يبيّن لنا أين تكمن مصلحتنا، ولو أنّنا ذهبنا إلى الإمام لبيّن لنا مصلحتنا ولأَخبَرنا بالحقّ في المسألة!! فكلامنا هنا بأنّه: ما هي تلك الحاجة، وما هو ذلك النقص والضعف الذي يكون قابلاً للحلّ على يد الإمام عليه السلام، وليس قابلاً للحلّ على يد وليّ اللـه؟ ما هو ذلك؟! وبالتالي فجميع هذه المطالب المزعومة خطأ وباطل.
نعم! السعة الوجودية للإمام عليه السلام تختلف عن السعة الوجودية لباقي الأفراد، ولكن ليس بمعنى عدم ظهور تجلّي الأسماء والصفات الإلهيّة في نفس الوليّ. وقد ذكرتُ لكم في الجلسة الماضية أنّ الذي في هذا الكوب هو نفس الذي في الإبريق.. كلاهما أمرٌ واحد، فالموجود في الإبريق ماءٌ، وليس لبناً ولا عصيراً، بل هو ماءٌ صافٍ، وكذلك ما في الكوب نفس ذلك الماء، فخصائص هذا وذاك وآثاره واحدة. حسناً.. أنا كم أقدر أن أشرب من هذا الماء؟ غاية ما أقدر أن أشربه هو كوبٌ واحد لا أكثر، فإن كان الإبريق يحوي مقداراً من الماء أكثر من حاجتي؛ فما علاقتي بذلك، وما الذي أستفيده أنا؟! فأنا يكفيني كوبٌ واحدٌ من الماء، والماء الموجود هنا هو عين الماء الموجود هناك بكامل خصائصه وآثاره دون أدنى فرق! فهل أنا بحاجة إلى كلّ الماء الموجود في الإبريق لأرفع حاجتي من الماء؟! كلاّ، بل الماء الذي في الإبريق أكثر من حاجتي بكثير، فالماء الذي فيه يكفي خمسة أشخاص عطشانين أو ستّة أو عشرة! أمّا ما أحتاجه من الماء فهو هذا المقدار فقط، وهذا المقدار يستطيع الوليّ الإلهي أن يعطيني إيّاه. فما الذي ينقصني بعد ذلك؟! تفضّلوا .. أخبروني ما هو الذي ينقصني حينئذٍ؟! وما هو النقص الذي سأبتلى به بحيث يجب عليّ أن أرجع إلى الإمام عليه السلام لا إلى الوليّ؟! أين هو ذلك النقص والضعف؟!
إنّ السعة الوجوديّة للإمام عليه السلام يمكن تشبيهها بالبحر، وأمّا السعة الوجوديّة لوليّ اللـه هي بمثابة النهر. جيّد جداً.. نحن نقبل هذا ونؤمن به، ولكنّ ماء النهر هو نفس الماء الذي في البحر، لأنّ الماء الذي في النهر مأخوذٌ من البحر، فهو يأتي من البحر ويجري في هذا النهر؛ وبالتالي فأنت سواء عليك إن ذهبت إلى النهر وشربت منه، وإن ذهبت إلى البحر وشربت منه ؛ لأنّك سترتوي في كلا الحالين دون أدنى فرق. إنّ هذه السعة الوجودية متعلّقة بنفس النهر والبحر، وأمّا أنا فلا علاقة لي بالقضية! هل التفتّم؟! إنّ سعة البحر لا علاقة لها بي أنا، فسعة البحر هي للبحر، وما يهمّني أنا هو أنّه: ما الذي أحتاجه من هذا البحر؟! والحديث ينبغي أن يقع في ذلك؛ فهل أنا أحتاج إلى كلّ الماء الذي في البحر؟ كلاّ، بل يكفيني كوبٌ واحد من الماء! حسناً.. فهل أنا بحاجة إلى كلّ ما في النهر حتّى أرتوي؟! كلاّ يا عزيزي!! فأين أنا من النهر؟! ولو وقعت في النهر لأخذني تيّار الماء معه! بل يكفيني كوبٌ واحد من الماء فحسب، وهذا الكوب يمكن أن تملأه من البحر، كما يمكن أن تملأه من النهر، والنتيجة ستكون واحدة في كلا الحالين ؛ فأنت في كلٍّ منهما سترتوي، وفي كلٍّ منهما ستصل إلى المقصد والمطلوب.. هذه مسألة وليّ اللـه.
من هنا فإنّ هذا الإشكال الذي يطرحه البعض من أنّ وليّ اللـه إنّما هو مظهر لاسمٍ واحد أو اسمين، ولا يقدر أن يأمر الأفراد وينهاهم؛ لأنّ صلاحيّة الأمر والنهي إنّما هي لذلك الشخص الذي تتجلّى فيه جميع الأسماء والصفات الإلهيّة لا غيره.. هو إشكالٌ غير واردٍ ولا محلّ له ولا أصل يعتمد عليه.
هذا بالنسبة لهذه النقطة، وقد أُشكل إشكالٌ آخر، ولا أدري إن كنت سأقدر اليوم أن أطرحه وأجيب عليه، [وهنا التفت سماحة السيّد إلى الطبيب الحاضر في الجلسة وسأله إن كان لديه مجال فأجاب الطبيب بالنفي، فقال سماحته:] أحبّ أن اذكّر الإخوة أن الإشكالات المطروحة كانت بطلب من الحقير حيث أنّني طلبت من الرفقاء والإخوة أن يدوّنوا أسئلتهم ويسلّموني إيّاها عندما آتي إلى الجلسة أو قبل ذلك، وقد كنت أقلّب الأوراق التي عندي لأراجع الأسئلة المطروحة في هذا الموضوع، فوقعت عيني على هذا الإشكال، وذُكر فيه أنّه يبدو أنّ هناك تعارضاً بين ما ذكرتُه في هذه المباحث وبين ما هو مذكور في تفسير الميزان وما ذكره السيّد الوالد رحمه اللـه في كتاب "معرفة الإمام"، وقد أحضرت السؤال معي لكي أقرأه على الإخوة، ولكن مع ملاحظة حالتي [الصحّية]، سوف نؤجّل ذلك إلى الجلسة القادمة إن شاء اللـه.
كما أنّه قد وصلتني مجموعة من الإشكالات من الإخوة الناطقين بالعربية، وهي إشكالات جيّدة جداً، وهي مكتوبة في عدّة صفحات، وقد وصلتني هذه الإشكالات منذ مدّة، فحفظتها لكي أطرحها لاحقاً إن شاء اللـه.
على كلّ حال، إنّ هذه المطالب ينبغي أن نأخذها بالعلم والاعتقاد لا بمجرّد التصوّر، والفهم السطحي، ولا من خلال حسن الظنّ بالحقير، فحسن ظنّ الرفقاء بالحقير محفوظٌ في مكانه، ونحن نشكر لهم لطفهم، ولكنّ هدف الحقير لا يمكن أن يتحقّق من خلال حسن الظنّ هذا، بل المراد هو نقل المباني الأصيلة والواقعيّة للتشيّع، وبيانها وتوضيحها.. فهذا هو الغرض من هذه البحوث.
وأمّا لطف الرفقاء وإبرازهم لمحبّتهم فلها مكانها وهي محفوظة، وهي من باب قول الشاعر:
مهر جهانسوزچوپنهان شود
                             شب پرهبازيگر ميدان شود

(يقول: عندما تغيب الشمس المضيئة، يصير الخفّاش فارس الميدان)
وهذا هو حالنا في هذا الزمان، وربما هذا سبب حرص الإخوة على إظهار محبّتهم للحقير، ولكنّني أنا نفسي لا أقدر أن أرضى بهذا المقدار وأكتفي به، بل هدف الحقير هو نقل المطالب الواقعيّة للتشيّع، ونقل المطالب الحقيقية للعرفاء والأولياء، فعندما يقوم مولانا رضوان اللـه عليه ببيان قصّة الملك وصائغ المجوهرات[10]، فنحن علينا أن نعلم ما هي المطالب التي يريد مولانا أن يبيّنها هنا، فمولانا لم يأتِ ليحكي لنا القصص! بل بيّن في هذه القصّة تلك الحقيقة والواقعيّة الموجودة في قضيّة الخضر وموسى عليهما السلام على شكل قصّة، وهذا الأمر الواقعي ينبغي فتحه وبيانه وتوضيحه، وفي المقابل نرى أنّ هناك سعياً حثيثاً لكي تبقى هذه المطالب مخفية وطيّ الكتمان، ولكنّنا لا نهتمّ بذلك، بل نقوم ببيان المطالب والحقائق، ونتوقّع من الإخوة أن يذكروا أيّ إشكال أو إبهام أو إجمال في مكانه.
وحيث أننا انتهينا [اليوم] من ذلك الإشكال فسنقوم ـ بحول اللـه وقوّته ـ في الجلسة القادمة ببيان الإشكالات الأخرى والجواب عليها إن شاء اللـه.
اللـهمّ صلّ على محمد وآل محمد.


[1] ـ صدر الآية 59 من سورة النساء.

[2] ـ إشارة إلى الرواية المشهورة عن الإمام الرضا عليه السلام، والتي جاء فيها: "فمن ذا الذي يبلغ معرفه الإمام ويمكنه اختياره؟! هيهات هيهات! ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباء وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شان من شانه أو فضيله من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وأنى وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟". (عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج 2، ص 197).

[3] ـ بحار الأنوار، ج 75، ص 367. ونص الرواية هكذا: من دلائل الحميري عن فتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمني وأبا الحسن طريق منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق فسمعته وهو يقول: من اتقى اللـه يتقى، ومن أطاع اللـه يطاع، قال : فتلطفت إلى الوصول إليه، فسلمت عليه فرد علي السلام وأمرني بالجلوس وأول ما ابتدأني به أن قال: يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والابصار عن الإحاطة به، جل عما يصفه الواصفون، وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال كيف، وأين الأين فلا يقال أين، إذ هو منقطع الكيفية والأينية، هو الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فجل جلاله، أم كيف يوصف بكنهه محمد، وقد قرنه الجليل باسمه، وشركه في عطائه، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته إذ يقول : " وما نقموا إلا أن أغناهم اللـه ورسوله من فضله " وقال يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها : " يا ليتنا أطعنا اللـه وأطعنا الرسولا " أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال : " أطيعوا اللـه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "، وقال : " ولو ردوه إلى [ اللـه وإلى ] الرسول وإلى اولي الامر منهم " وقال : " إن اللـه يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها " وقال : " فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " . يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله والرسول والخليل وولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلّم لامرنا، فنبينا أفضل الأنبياء، وخليلنا أفضل الأخلاء، و[ وصيه ] أكرم الأوصياء، اسمهما أفضل الأسماء، وكنيتهما أفضل الكنى وأحلاها، لو لم يجالسنا إلا كفو لم يجالسنا أحد، ولو لم يزوجنا إلا كفو لم يزوجنا أحد، أشد الناس تواضعا، أعظمهم حلما، وأنداهم كفا، وأمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد إليهما الامر وسلم إليهم، أماتك اللـه مماتهم، وأحياك حياتهم ... الخ " و وردت الرواية بأدنى اختلاف في خاتمة المستدرك، ج 8، ص692 بهذا النص: " يا فتح كما لا يوصف الجليل جلّ جلاله، ولا يوصف الحجّة، فكذلك لا يوصــــف الـمؤمـن المسـلّـم لأمرنـــا، فنبينا صلّى اللـه عليه وآلـــه أفضل الأنبيـــــاء، ووصينا صلى اللـه عليه وآله أفضل الأوصياءّ ... ".

[4] ـ ذيل الآية 91 من سورة المؤمنون

[5] ـ وردت الرواية بتعبيرين أحدهما ما ذكر في المتن، ونصّه: "يا فتح كما لا يوصف الجليل جلّ جلاله، ولا يوصف الحجّة، فكذلك لا يوصف الـمؤمن المسلّـم لأمرنـا "، وأما التعبير الآخر فهو: "يا فتح كما لا يوصف الجليل جلّ جلاله والرسول والخليل وولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لامرنا".

[6] ـ ورد هذا المضمون في روايات مختلفة: عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ في كتاب «المحاسن» عن عبد الرحمن بن حماد، عن حنان بن سدير، عن الإمام أبي عبد اللـه جعفر الصادق عليه السلام، عن رسول اللـه صلّى اللـه عليه و آله، قال: قَالَ اللـه تَعَالَى: مَا تَحَبَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْ‏ءٍ أحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ؛ و إنَّهُ لَيتَحَبَّبُ إلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أحِبُّهُ فَإذَا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ بِهِ، وَ بَصَرَهُ الذي يَبْصُرُ بِهِ، وَ لِسَانَهُ الذي يَنْطِقُ بِهِ، وَ يَدَهُ التي يَبْطِشُ بِهَا، وَ رِجْلَهُ التي يَمْشِي بِهَا، إذَا دَعَانِي أجَبْتُهُ، وَإذَا سَألَنِي أعْطَيْتُهُ، وَ مَا تَرَدَّدْتُ في شَي‏ءٍ أنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي في مَوْتِ مُؤْمِنٍ يكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. (المحاسن، ج 1، ص 291) و قد أورد المجلسيّ هذه الرواية في «بحار الأنوار» المجلّد الخامس عشر، الجزء الثاني، باب حبّ اللـه تعالى، ص 29. وفي عدة الداعي لابن فهد الحلي: وفي الحديث القدسي: يَا ابْنَ آدَمَ أنَا غَنِيُّ لَا أفْتَقِرُ، أطِعْنِي فِيمَا أمَرْتُكَ، أجْعَلْكَ غَنِيَّاً لَا تَفْتَقِرُ. يَا ابْنَ آدَمَ أنَا حَيٌّ لَا أمُوتُ، أطِعْنِي فِيمَا أمَرْتُكَ، أجْعَلْكَ حَيَّاً لَا تَمُوتُ. يَا ابْنَ آدَمَ أنَا أقُولُ لِلشَّي‏ءِ كُنْ فَيَكُونُ، أطِعْنِي فيمَا أمَرْتُكَ، أجْعَلْكَ تَقُولُ‏ لِلشَّيْ‏ءِ كُنْ فَيَكُونُ. (عدة الداعي، ص 233). وفي «مشارق أنوار اليقين» للحافظ رجب البرسي: ورد في الحديث القدسي: إنَّ لِلَّهِ عِبَاداً أطَاعُوهُ فِيمَا أرَادَ، فَأطَاعَهُمْ فِيمَا أرَادُوا؛ يَقُولُونَ لِلشَّي‏ءِ: كُنْ فَيَكُونُ. (كلمة الله، ص 143)

[7] ـ معرفة المعاد، ج 4، ص 170

[8] ـ كتاب "مطلع الأنوار" هو عبارة عن كتاب يضمّ الدورة المهذّبة والمحقّقة للمكتوبات الخطّية للعلاّمة الطهراني رضوان اللـه عليه ومراسلاته ومواعظه، وهو مطبوع بالفارسية. (المترجم)

[9] ـ مقطع من الآية 110 من سورة المائدة.

[10] ـ الدفتر الأوّل من كتاب المثنوي. (المترجم)

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->