معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات آية الله السيد محمد محسن الطهراني > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1435 هـ ق > شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1435 هـ ـ الجلسة 6: معنى التنجّز وأهمّيته في السلوك

_______________________________________________________________

هو العليم

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي لعام 1435 هـ

المحاضرة السادسة:
معنى التنجّز وأهمّيته في السلوك

ألقيت هذه المحاضرة في الليلة العاشرة من شهر رمضان المبارك لعام 1435 هـ

ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه

 

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف تحميل ملف البد دي أف

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد
وعلى آله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين

"وَأَنَا يَا سَيِّدِي‏ عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هَارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ متنجِّزٌ مَا وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بك ظنًّا"
يا مولاي وسيدي، لقد لجأت إلى فضلك، وفي فضلك ملجئي، وأنا هارب وهارع منك إليك ونحوك، وأنا متنجّز ومتيقّن بما كنت قد وعدت به الأشخاص الذين لديهم حسن ظنّ بك بأن تعفو عن ذنوبهم وتغضي عن أخطائهم، وأرى أنّه وعد حقيقي وواقعي.

    

التنجّز هو الوصول إلى مرتبة الواقعيّة والعينيّة

فالتنجّز يعني الوصول إلى مرتبة الواقعيّة ومرتبة العينيّة؛ إذ إنّ التكاليف التي عيّنها الله تعالى لعباده على مراتب، حيث لدينا مرتبة الملاكات، ومرتبة الإنشاء، ومرتبة الفعليّة، والمرتبة الأخيرة هي مرتبة التنجّز، وإن كان بعضهم يقدّم ويؤخّر بين كلّ من الفعليّة والتنجّز. فالتنجّز يعني الوصول إلى مرتبة العينيّة التي يكون فيها الإنسان ملزمًا بالقيام بذلك الفعل والثبات عليه، أو التحرّز عنه إذا كان من النواهي؛ فمن باب المثال، السرقة حرام، لكن مادام الإنسان جالسًا في مكانه، ولم تحن له فرصة للسرقة بعد... كان بعضهم يقول: هل يمكن أن يتواجد الشيطان في حرم الأئمّة؟! فقلت: لماذا لا يمكن أن يكون الشيطان هناك؟ فمن يقوم إذًا بهذه السرقات التي تحصل في مقامات الأئمّة؟ أفهل جبرائيل هو من يفعلها؟! إنّ السرقة من فعل الشيطان! فكم سرقة حصلت في نفس حرم الإمام الرضا! وفي حرم الإمام موسى بن جعفر عليه السلام وضع سارقٌ يده في جيبي، فالتفت إليه وقلت: اذهب، لا شأن لي بك، لكن لا تعد ثانيًا لمثل هذه الأعمال، واخجل من الإمام موسى بن جعفر عليه السلام! فمن المعلوم أنّ الشيطان موجود حتّى في حرم موسى بن جعفر عليه السلام ـ وفي كلّ مكان له وجود ـ ، وأنّه لا يكفّ عن مثل هذه الأمور هناك.
فأحيانًا لا تكون السرقة منجّزة على الإنسان ـ بمعنى أنّه لا عينيّة لها ولا يوجد مجال لها ـ ، كأن يكون الإنسان جالسًا في منزله؛ ففي هذه الحالة، وإن كانت السرقة حرامًا والغشّ في المعاملة حرامًا والكذب حرامًا، لكن لا وجود لأحد حتى يكذب عليه؛ فالإنسان لا يكذب على نفسه، بل لا بدّ من وجود شخص ثان حتّى يُمكنه أن يكذب عليه، أو من باب المثال: مع أنّ الغش في المعاملة حرام، إلاّ أنّ الإنسان يكون في هذه الحالة غير مبتلى بأيّة معاملة حتّى يُمكنه أن يغشّ فيها، لكن عندما يأتي إلى السوق، ويفتح باب دكّانه أو مكتبه أو عيادته، ثمّ يواجه ذاك الموقف الذي يمكنه أن يغشّ أو يكذب أو يخون فيه؛ حينئذٍ يُقال بأنّ هذا الحكم قد تنجّز عليه؛ أي أنّه الآن فقط حصل على عينيّة، حيث يرى الإنسان فجأةً بأنّه سيحصل على ربح إن كذب على الطرف المقابل، فيأتي الشيطان ويقول له: يا عزيزي، اكذب، فهذه هي قواعد المعاملة! دع عنك كلّ ذلك الكلام [الذي يُحرّم الكذب]، فالجميع يفعل ذلك، إلاّ أنت، ففي النهاية، سوف يعفو الله عنك بعد توبتك! هل التفتم؟ أو أن يقول له: اكذب الآن هذه الكذبة، فلا إشكال في ذلك، وارتكب هذه المعصية، فلا عيب في ذلك؛ وإلاّ فلمن جعل الله التوبة إذن؟ ولمن جعل عفوه؟ وهذا المسكين لا يعرف أنّه بهذا العمل الذي يقوم به ـ إذا فرضنا أن الله تعالى سيعفو عنه لاحقًا ـ قد خسر رأسمالاً لا يمكن أن يعود إليه أبدًا، فالذي حصل عليه هو العفو فقط؛ أي أنّك إذا تُبت، فإنّنا سنرفع عنك تلك العقوبة المترتّبة عليك؛ نعم، على الإنسان أيضًا أن يتدارك أخطاءه، لا أن يكذب على شخص آخر، ويكتفي بعد ذلك بالقول: لقد تبت الآن! لا، بل يجب أن يذهب إليه، ويقول له: لقد كذبت عليك! وإن كان قد اغتابه ووصل إليه ذلك، أو افترى عليه، وبلغه ذلك، فعليه أن يعتذر منه ويجبر فعلته، ويعلن أمام الناس: لقد افتريت على هذا الشخص، واغتبته وكذبت عليه! فعندما يكون الإنسان يتحدّث بالمعصية يكون مستأنسًا جدّاً، وأمّا عندما يلتفت ويندم، فإنّه يرغب في أن تبقى المسألة مخفيّةً؛ هل هذا صحيح؟
هذا الذي يقال له تنجّز! فالإمام السجّاد عليه السلام يُخاطب الله تعالى قائلاً: إلهي! أنا في مقام التنجّز متيقّن بذلك الوعد الذي وعدت به، وذلك التكليف الذي وضعته أنت على نفسك ـ وقلتَ: سوف أفعل هذا الأمر وأقوم بذاك الفعل ـ ، لا أنّ هناك مسألة سوف تحصل يوم القيامة، فلننتظر لنر ما الذي سيحصل امتثالاً لكلام قاله الله تعالى! فالإمام يقول: أنا الآن أعيش على أساس هذا الوعد الذي وعدت به، فحياتي قائمة على وعدك، وأنا أقضي اليوم من الصباح إلى المساء بما وعدتني من أنّك ستعفو عنّي، وتصفح عن أخطائي، وأمضي أوقاتي من الصباح إلى الظهر ومن الظهر إلى المساء ومن المساء إلى الصباح على أساس ذلك! وأنا أقضي أيّامي بهذا الوعد الذي وعدت به من العفو والإغماض عن الذنب؛ فأصلّي على أساس هذا الوعد، وأصوم على أساسه، وأؤدّي عباداتي على هذا الأساس، وفي كل لحظة من اللحظات، أطبّق هذا الوعد في مقام التنجّز على نفسي.

    

أهمّية التنجّز في سلوك الإنسان

إنّ هذه المسألة هي من المسائل الجوهريّة والحيويّة في سلوك الإنسان؛ وهي أن يعيش الإنسان حالة التنجّز واليقين بالنسبة لطريقه، فلا فائدة في أن يقول: لنذهب ونر ماذا يجري هناك! أو أن يقول: فلنأت إلى هنا أيضًا، فقد ذهبنا إلى أماكن أخرى، وحضرنا هيئات ومساجد وتكايا أخرى، واستمعنا إلى خطباء آخرين، ورأينا أشخاص مختلفين ـ فالتقينا بالشخص الفلاني وقرأنا كتاب المؤلّف العلاّني ومقالاته ـ ، فلنأت إلى هنا أيضًا، ونر ماذا هناك! ويقول: حسنًا، الظاهر أنّ هذا المكان لا بأس به، إذ يُتحدّث فيه عن بعض الأمور الجيّدة.. إنّ كلّ هذا لا فائدة فيه، نعم، هو جيّد بعنوان كونه مقدّمة، لا أن يكون بشكل مستمرّ ودائم، وإلاّ بقي الإنسان إلى آخر عمره في حالة "لنر ماذا سيحصل"!
كان المرحوم العلامة يؤكّد كثيرًا، ويكرّر تأكيده، ويؤكّد علينا بأن لا تتعجّلوا في قبول الأشخاص، ولا تسرعوا في دعوة الناس، ولا تدعوا أيًّا كان إلى هذه المائدة؛ فصحيح أنّ هذه المائدة ممدودة، لكن ينبغي أن يشعر الشخص بالجوع! فما لم يكن الإنسان جائعًا، لا يمكنه الجلوس إلى هذه المائدة، وإلا لجلس وبقي ينظر: هل آكل من هذا الصنف أم من ذاك، وهل هذا الطعام جيّد بالنسبة لي أم ذاك؟ وأمّا الجائع، فعندما يُدعى إلى الطعام، لا ينظر إلى أيّ الطعام هو جيّد بالنسبة إليه. وإنّ هذه المطالب التي أذكرها للإخوة هي عبارة عن التجربة الشخصيّة للحقير مع المرحوم العلاّمة وأساتذته، حيث كان يتعامل مع أساتذته بهذا النحو، وكان حاله كحال من عاش حالة قحط لمدّة سبع سنوات، ومثل أولئك الذين يُضربون عن الطعام، فيبقون جائعين لمدّة عشرة أيّام أو عشرين يومًا، فيضعفون ويضعفون إلى أن يأتوا ويجلسوا على مائدة؛ فكيف ستكون حالتهم النفسيّة بالنسبة إلى أكل هذا الطعام؟ فهذا أعظم من الجوع وأشدّ منه بمراتب.
وهذه المسألة يشعر بها الإنسان بوضوح عند العطش، ولا بدّ أنّه حصل لكلّ شخص أن وصل في فترة من الزمن إلى ما هو أشدّ من العطش، وقد حصلت بالنسبة إليّ، حيث وصلت إلى مرحلة تجاوزت فيها حالة العطش، ووصلت إلى حالة من التعب والانهيار من شدّة العطش، ونسيت مسألة العطش كلّيًا؛ ففي هذه الحالة، عندما يصل الإنسان إلى الماء، كأنّه قد وصل إلى منبع الحياة. لقد كانت لدى المرحوم العلاّمة في علاقته بالعظماء وسماع حديثهم وكلامهم مثل هذه الحالة، فقد كنت أحيانًا أذهب وأحشر نفسي في بعض أموره الخاصّة ـ ولا يخفى أنّني كنت في ذلك الزمن أشاغب كما هو الحال دائمًا، وكنت أكثر شغبًا من الآن ـ لأرى ماذا هناك، وما هي الأمور التي تحصل معه، فكنت ألاحظ أن توجّهه إلى أساتذته هو بنحوٍ بحيث لو حصل إلى جانبه شيء، لم يكن يلتفت إليه!

    

السالك المتنجّز هو الذي يشعر بنتيجة سلوكه في كلّ لحظة

هذا هو الذي يقال له إنسان يسعى للحصول على الحقيقة والوصول إلى الهدف! هذا هو المتنجّز! فالمتنجّز هو المصدِّق، وهو الذي يحيا على أساس التصديق، ولا يكتفي بأن يعد نفسه، كما نفعل نحن الذين نعد أنفسنا، حينما يُقال لنا: كذا، فنقول: لا بدّ أنّ ما يقولونه صحيح! ويقولون: كذا، فنقول: لا بدّ أن يكون هناك شيء من هذا القبيل، فلنذهب، ولنر ماذا سيحصل! كلاّ يا عزيزي، إنّ نفس مجيئك إلى هذا المكان وتواجدك بهذه المدرسة ومسيرك في هذ الطريق وإحساسك بهذه الحقيقة والواقعيّة هو التنجّز الذي ينبغي عليك أن تتيقّن به.. هذا هو ذلك.
خدايا زاهد از تو حور مى‏خواهد قصورش بين
                             به جنّت مى‏گريزد از درت يا رب شعورش بين
(انظر يا ربّ إلى قصور الزاهد حين يطلب منك الحور (و يطلب منك سواك)، و تطلّع إلى شعوره حين يهرب من بابك إلى جنّتك!)
[1]
فذلك الزاهد يصلّي لكي يحصل يوم القيامة على الحور، لكن ماذا عن الآن؟ لا شيء! فهو الآن يصلّي: الله أكبر، بسم الله الرحمن الرحيم... ولا الضالّين.. سبحان ربي العظيم... ، فلماذا نحن نصلّي؟ لكي نحصل على الحورية فيما بعد، وإن لم يعطوا الحور، سوف يعطون الثور؛ ففي نهاية الأمر، سوف يعطون شيئًا ما!!! انتبهوا، فما أقوله لكم، قد سمعته واقعًا!
ففي أحد الأيّام، ذهبت عند أحد العلماء ـ وقد مات فعلاً وانتقل إلى رحمة الله، وكان مرجع تقليد ورجلاً جيّدًا ـ فدار الكلام حول الصلاة، فقلت له: يا سيّدي، بأيّة نية تُؤدّون الصلاة؟ فقال: لقد وعد الله بالجنّة والحور العين، ووعد بكلّ هذه النعم في الجنّة؛ فنحن نصلّي لأجل ذلك، وإلا فلماذا نصلّي؟! لقد كان يبلغ التسعين من العمر، ومع ذلك نراه يقول: أنا أصلّي للحصول على الحور التي سيمنحونها لنا بعد الموت! لكن ماذا عن الآن؟! لا شيء! ما الذي تستفيده الآن من الصلاة؟ وما الذي تحصل عليه من القرآن الآن؟ وما الذي تناله من الصوم الآن؟ فنحن نصوم حتّى نحصل على برتقالٍ يوم القيامة؛ فبرتقال الجنّة بهذا المقدار.. بمقدار البطيخ! لكن من الجيّد أن تكون الأغصان صلبة حتّى لا تنكسر، فتقع البرتقالة على رأس الإنسان! وأمّا البطيخة، فلا بدّ أن تكون هناك بوزن طنّ!
ونحن نقرأ القرآن لكي نحصل على الثواب في ذلك العالم؛ مثلما ورد في الروايات أنّ الإنسان تنبت له شجرة على كلّ آية قرأها، وأنّ له شجرة في الجنة عل كلّ (لا إله إلا الله) يقولها وأمثال ذلك. إنّ هذه الشجرة تنمو الآن في وجود الإنسان، لا أنها ستنمو في يوم القيامة، ونحن غافلون عن هذه المسألة! حسنًا، إنّنا نصلي لأنّ الله أمرنا بذلك، ولأنّه وعدنا بالحور والغلمان والنعم.
هل هذا هو الصحيح، أم ما يقوله العظماء ـ ولا يخفى أنّه لدينا روايات بهذا المضمون ـ عندما يذكرون بأنّه عليك حينما تقرأ القرآن أن تتصوّر بأنّ قارئ القرآن [وملقي القرآن]هو أنت؛ بمعنى أنّ هذه الآيات قد دخلت واستقرّت في وجودك وأنت تتلوها من وجودك وذاتك! أي أن تجعل من نفسك أنت القارئ، والمستمع شخصًا آخر.. هذا هو معنى قراءة القرآن؛ مثلما كان القرآن ينزل على النبيّ، وكان النبيّ يقرأ هذه الآيات بعد أن انتقشت في نفسه وتكوّنت حقيقتُها في وجوده، لا فقط هذه الألفاظ: (صاد وضاد وطاء ودال وذال ولام وعين)، لا، بل حقيقة هذه الآيات وواقعيّتها، وذلك العالم الذي تحكي عنه هذه الآيات، وتلك المفاهيم التي تترشّح عنها هذه الآيات! فالألفاظ تحكي عن هذه المفاهيم المغروسة في وجود النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي يأتي بعد ذلك ويلقيها على الناس بواسطة هذه الألفاظ؛ هل هذا واضح؟
فما الذي يتصورّه الناس؟ يتصوّر الناس بأنّ النبيّ قد جاء وقرأ علينا هذه الآيات وحفظناها، وبما أنّ النبي قالها لنا، فنحن نقرأها! لا، بل يجب على الناس أن يحضروا هذه المعاني الموجودة في وجود النبيّ ـ والتي ألقاها بهذه الألفاظ فدوّنوها على جلود الحيوانات وعلى الأوراق وغيرها ـ ، وأن يحفظوها في وجودهم، ويثبتوها في نفوسهم، ثمّ يعيدوا قراءتها من وجودهم عند الصلاة أو عند قراءة القرآن؛ فماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ القرآن قد نزل عليك أنت، ونزل على كلّ فرد منكم، والنبيّ عبارة عن مرآة فقط؛ لأنّنا بحاجة إلى مرآة في الوسط، وبحاجة إلى واسطة، فالله لا يأتي ويوحي إلى كلّ فرد فرد؛ لأنّ الوحي بحاجة إلى عدّة أمور يا عزيزي! فهو بحاجة إلى الذهاب إلى غار حراء، فمن يا تُرى قد ذهب منّا إلى غار حراء؟ لو مشينا خطوتين فقط، لقلنا: آخ، رجلي تؤلمني! ولعدنا إلى المنزل، وأمّا النبيّ، فكان يُقيم في غار حراء أربعين يومًا بعد الأخرى! إنّ الوحي يستتبعه العمل، ويستتبعه البرد، وبحاجة إلى إحياء الليالي حتّى الصباح، وبحاجة إلى عزلة ومجاهدة ومراقبة، وبحاجة إلى ألف مسألة أخرى.
حسنًا، فالله أعفانا من جميع ذلك، وقال لنا: اجلسوا في منازلكم، فقد اصطنعنا ذاك الذي ينبغي عليه أن يقوم بكلّ هذه الأمور! وقد أعددنا النبيّ والأئمّة لمثل هذه الأمور؛ فهم مكلّفون بحمل أثقالكم، وإيصالكم إلى المقصود! فهذا النبيّ يتوسّط في الأمر، فيتلقّى هذه المطالب، ثمّ يُلقيها علينا بعد ذلك. وأسألكم بحقّ: كم هو مقدار استفادة الذين يقرؤون القرآن بهذه الطريقة من دون الالتفات إلى معانيه أبدًا، وغاية جهدهم أن يمنّوا على الله تعالى بسبب الثواب الذي وعد به الله سبحانه وهذه الأمور؟ وما هو حظّهم من قراءة القرآن؟! هل إنّ الإمام الصادق عليه السلام عندما قال: "لا زلت أردّد: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، إلى أن رأيت وسمعت أنّ هذه الكلمات تصدر من تلك الذات التي أقول لها: إيّاك نعبد، وأنا الآن أسمع ذلك!"[2] كان يقرأ بهذه الطريقة؟! وهل كان يقرأ بنية الحصول على الحور العين يوم القيامة؟! أي هل كان يقول: نصلّي لكي نحصل على الحور العين يوم القيامة؟ ولا بدّ أن الحور للرجال، وأمّا النساء، فلهم الغلمان.. وهناك أيضًا برتقال ولبن وحليب في يوم القيامة، وأمثال ذلك!
يعني هل كان الأئمّة يصلّون في الحقيقة بهذا الشكل؟! فهذا مضحك جدًّا! وهل إنّ هذا الارتباط ـ الذي كان هؤلاء العظماء يجرونه مع الله عند الصلاة وعند قراءة القرآن ـ له جهة صوريّة فقط؟ وهل هو لأجل الوعد الذي سوف يتحقّق لاحقًا؟ أم أنّ هذا الارتباط بنفسه يعني لقاء الله! لقد كان الإمام الصادق يشعر بلقاء الله في نفس تلك اللحظة، وكان النبيّ يشعر بلقاء الله في نفس تلك اللحظة التي يقول فيها: أرحني يا بلال، وكان يشعر بحالة اللقاء بالله في ذلك الوقت.

    

حكاية عن المرحوم دستغيب في بيان تنجّز لقاء الله تعالى

رحم الله المرحوم دستغيب، لقد كان رجلاً عظيمًا جدًا، ومستقيمًا وزاهدًا، وخاليًا من الأهواء، وقد كان من الأصدقاء الحميمين للمرحوم العلاّمة، وكان يحبّه كثيرًا! ففي السفر الذي تشرفّنا فيه بالذهاب إلى كربلاء بعد عودتنا من مكة ـ وقد ذكر تفصيله المرحوم العلاّمة في كتاب الروح المجرّد ـ ، كان السيّد دستغيب قد ابتلي في ذلك الوقت بمصيبة فقدِ أحد أولاده، وقد قال بعضهم بأنّه أثير حول سبب موته بعض الشكوك، حيث كان ذلك في زمن الشاه.. فأتى إلى كربلاء، وعلم المرحوم العلاّمة بمجيئه، فقال السيّد الحدّاد: لنذهب لكي نعزّيه! فذهبنا إلى منزل كان قد استأجره، وهو مؤلّف من ثلاث غرف، وقد كان مجلسًا عجيبًا جدًا.
ومن ضمن الكلام الذي ذكره أنّه قال: كنّا يومًا في محضر المرحوم الأنصاري... حيث كان [المرحوم دستغيب] مقيمًا في شيراز، فكان يأتي من هناك إلى همدان ويبقى فيها بضعة أيام، وكان يأتي برفقة المرحوم الحاج صدر الدين الحائري رحمة الله، وكان يأتي أيضًا المرحوم الشيخ حسن نجابت، حيث أنّ بعض الأصدقاء كانوا من شيراز، وكانوا يأتون عادة كلّ شهرين أو ثلاثة أشهر إلى همدان.
قال: في إحدى المرّات التي أتينا فيها إلى همدان، ذهبنا إليه وكنّا في حالة انشراح وسرور، والحاصل أنّنا لم نكن نشعر هل أنّنا في الأرض أم في السماء، ولم نكن نشعر بأنفسنا أصلاً، حيث كنّا في حالة نشاط عارم! وعندما أردنا أن نصلّي صلاة الظهر، حصل لدينا فجأةً خطورٌ مفاده: متى يحصل لنا لقاء الله؟ فما فتئنا نردّد عبارة "لقاء الله.. لقاء الله"، وما فتئنا نتردّد على هذا المكان، فلماذا لا خبر لنا عن لقاء الله نحن الذين أتينا بأجمعنا إلى هنا؟!
قال: وفي ذلك الحين ارتفع الصوت بالتكبير، وشرع المرحوم الأنصاري بالصلاة ـ والظاهر أنّهم كانوا في المسجد؛ لأنّ المرحوم الأنصاري كان يصلّي في المسجد، وقد حصلت هذه القضيّة في الظهر سواء كان ذلك في المنزل أم في المسجد، لكن من المقطوع به أنّها كانت صلاة الظهر ـ ، وعندما بدأنا بالصلاة، اعترتنا حالة عجيبة جدًّا فاقت جميع تلك الحالات التي حصلت لنا قبل ذلك وكنّا نظنّ فيها بأنّنا نشعر بالسعادة، إذ حصلت لنا حالة ونشاط عجيبين، فلم نعد نشعر متى ركعنا، ومتى سجدنا، وكنّا نقتصر على متابعة المرحوم الأنصاري في فعله من دون الإحساس بالوضعيّة التي كنّا فيها! وحينما انتهت صلاة الظهر، وانتهى المرحوم الأنصاري من التسبيح، نظر إليّ وقال: هل فهمت الآن مسألة لقاء الله؟ وهل أدركت الآن مسألة لقاء الله تعالى في الصلاة؟
نحن نتصوّر بأنّ الحضور في هذا الطريق والثبات عليه هو عبارة عن عمل تكراري يهدف للوصول إلى مرتبة أخرى وحالة أخرى، والحال أنّه في كلّ موقف وكلّ لحظة حصل فيها تجديدُ فكرٍ لنا، فإنّ ذلك يُعدّ بنفسه لقاءً وخطوة نحو الأمام بالنسبة إلينا! فكلّ رؤية جديدة وبصيرة جديدة وفكر جديد يحصل لنا فيما يخصّ مختلف المسائل الاجتماعيّة والسياسيّة والدينيّة والفقهيّة والأخلاقيّة والعقائديّة هو عبارة عن خطوة في اتّجاه لقاء الله؛ فما الذي يعنيه لقاء الله تعالى؟ إنّ لقاء الله يعني تثبيت الحقّ {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق‏ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ}[3].
عجيب جدًّا! فالله هو الحقّ، ومتى ما وقفت أمام خيارين: إمّا أن تقول الصدق أو تكذب، وصدقت، فإنّ الله موجود هناك، وليس أنت. وأمّا إذا كذبت، فإنّ الشيطان هو الموجود هناك.. {وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ}؛ لماذا تكذب؟ لوجود جهة {هو الباطل}؛ فـ {يدعون} ليست بمعنى الدعاء والطلب، بل بمعنى الوجهة والتركيز والتوجّه والاعتماد؛ فذاك الذي يدعونا نحو الكذب هو الباطل، وأمّا الذي يدعونا نحو قول الصدق ـ والحال أنّ الصدق خلاف لمصلحتنا الدنيويّة، ومع ذلك نقول: نحن نقول الحقّ ولو كان في غير مصلحتنا ـ فما هو؟ هو الله؛ { ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ}، فالله حاضر هناك؛ وعليه، فإنّ نفس اختيارك لهذا الطريق من بين هذين الطريقين اللذين أمامك يعني لقاء الله، وهو لقاء لله تعالى بهذا المستوى؛ وقد يكون عندنا لقاءٌ في قضيّة أخرى ومسألة أخرى، بل في كلّ موقف كان لديك فيه قدم صدق ونية صدق وهدف صدق؛ فذلك الموقف يعني: {بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ}، فالله هو الحقّ يعني أنّه حلّ في كيانك، وبما أنّه حلّ في كيانك، فأنت تقول الحقّ، فتكتشف بأنّ هذا الصدق هو بسبب ماذا؟ {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق}؛ أي أنّ الحقّ قد أتى إلى هنا. وأمّا إذا حلّ الشيطان، فإنّك ستكذب؛ يعني إذا كذبت، فإنّ الشيطان قد أتى؛ وبذلك تكتشف بأنّ هذا الكلام قائم على أساس عدم حضور الله، وعدم الحقّ، ومن باب {وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوالْباطِلُ}؛ فالباطل قد حلّ في هذا المكان.
حسنًا، فهذا يُعدّ معيارًا من المعايير، والإنسان يمكنه ذلك.. تفضّل على بركة الله! ويمكنه أن يتحرّك ويتقدّم، ويمكنه أن يشاهد لقاء الله لحظة بلحظة؛ وكم هو جميل عندما يتمكّن الإنسان من عبور جسر، والخروج من امتحان، فيرى كم كان ذلك جميلاً ولذيذًا، وكم هي المنافع المترتّبة على ذلك! فهذه المسألة هي التي تعني لقاء الله.
لقد كان الشيخ الأنصاري يريد أن يقول للمرحوم دستغيب: ما معنى أنّك تبحث عن لقاء الله؟ ففي كلّ آن تتواجد فيه هنا، يحصل لك لقاء الله! حسنًا، تعال لأريك ذلك في الصلاة، إلى درجة أنّك لن تعلم متى ركعت ومتى سجدت، وفي أيّ حال ووضع كنت! حسنًا، لقد شاهدت هذا الأمر بنفسك!

    

معنى تنجّز وعد الله تعالى في الصفح عن المستغفرين

في أحد الأيّام، كنت مع مجموعة من الأشخاص في مكان ما مع المرحوم العلامة ـ طبعًا كلّنا مبتلى بالنقص والعيب والضعف ـ ، فنظر أحد الرفقاء ـ وهو من رفقاء ذلك الزمان ولايزال الآن على قيد الحياة ـ إلى المرحوم العلاّمة ـ ولم نعرف لماذا فعل ذلك ـ وقال: يا سيّدي، ما هو الحاصل؟ ما هو حاصل كلّ هذه المساعي التي بذلناها هنا؟! فنظر إليه العلاّمة... ماذا يقول له؟! قال له: سمعًا وطاعة!!! حسنًا، ما هو سبب ذلك؟ فلا داعي للقول "ما هو الحاصل؟" من الأساس! فأنت عندما تكون هنا، لا داعي لقولك "ما هو الحاصل؟"، وإلاّ لماذا لست في مكان آخر الآن؟! فيكفي أنّك موجود هنا ولست في مكان آخر، والحال أنّه يمكنك أن تكون في مكان آخر، ويمكنك أن تفعل أمورًا أخرى، ولكن بسبب وجودك هنا لا تفعل ولا يمكنك أن تفعل ذلك، ولأجل أنّك هنا، لا يتمكّن فكرك ونفسك وفطرتك ووجدانك من الإقدام على ذلك؛ فصرت تأخذ القرار الصحيح في مختلف مسائل الحياة الاجتماعيّة وغيرها. وعليه، ما الذي يعنيه قولك "ما هو الحاصل؟"؟
إنّ هذه المسألة تعني حقيقة الحضور، وذلك التنجّز الذي يقول عنه الإمام السجّاد عليه السلام: أنا متيقّن في وجودي من ذاك الوعد الذي وعدتني به؛ يعني أنا أشعر به.. متنجِّزٌ مَا وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بك ظنًّا، أي أنا مصدّق بأنّك تغمض عن ذنوبي وتغضي عنها، وأنا أفهم ذلك وأشعر به؛ ألا ترون أحيانًا أنّ الإنسان قد يرتكب ذنبًا وتحصل له كدورة، لكنّه حينما ينهض للصلاة يرى أنّ تلك الحالة قد زالت عنه، واستبدلت بحالة من الخفّة؟! هذا هو المراد من ذلك! يعني أنّ الله قد أغمض عنه، ولو لم يغمض الله عنه، لبقي على ذلك الحال؛ وهذا ما يحصل كثيرًا للإنسان، وذلك بأن تُصيبه حالة من الكدورة، ثمّ بعد ساعة يحصل له شيء معيّن، أو يتدخّل عنصر آخر؛ كأن يسمع القرآن مثلاً أو يحصل له توجّه خاصّ، فيلحظ أنّ تلك الحالة قد ارتفعت! عجبًا! عند ذلك، نجد أنّ ذلك الإنسان يتنفّر كثيرًا من تلك الحالة، فلا يريدها أن تعود أبدًا، ولا يريد أن يعيد ذلك الكلام الذي صدر منه، أو إذا صدر منه، يريد أن يصحّحه! فما هو سبب حصول هذه الحالة النورانيّة؟ "الصفح عَمَّنْ أَحْسَنَ بك ظنًّا"؛ أي أنّ الله تعالى قد ستر عليه، فذهبت تلك الحالة، وعادت له حالته السابقة، وصارت لدى نفسه حالةٌ من البهاء والبهجة، لكن يبقى أنّ هذا المقام هو مقام حال لا مقام استقرار، بمعنى أنّه ينبغي العمل على تكراره بشكل مستمرّ إلى أن يصل إلى مرحلة الاستقرار، ويجب على الإنسان أن يُمرّن نفسه ويُداوم على المراقبة لكيلا يعود لنفس الخطأ.
ألا ترون أحيانًا أنّ الإنسان قد يتكلّم بكلام، فيتكدّر منه شخص آخر؟ وفي هذه الحالة، نجد أنّ ذلك المتكلّم قد حصل له انقباض بسبب ذلك؛ لا تتكلم من أوّل الأمر يا عزيزي! أفهل أنت مجبور على الكلام؟! وهل الإنسان مجبر على أن يقول كلّ شيء؟! على الإنسان أن يُبقي ألف كلمة في داخله، ويتكلّم بكلمة واحدة فقط! ثمّ بعد ذلك، نرى أنّ ذلك المتكلّم قد ذهب واعتذر منه، فيحسّ بأنّ ذلك الانقباض قد ارتفع؛ فما هو سبب ذلك؟ سببه أنّ الحالة الأولى قد ذهبت، وأتت حالة جديدة؛ وهي حالةٌ نورانيّة، وحالةُ رحمةٍ تأتي وتحلّ مكان تلك.
هذه الحالة يُقال لها حالة التنجّز؛ يقول الإمام السجّاد عليه السلام: أنا أعيش بحالة التنجّز، وأنا بالتنجّز آكل وأمشي؛ أي أنّني أشعر كيف أنّك تضع أخطائي جانبًا، وأحسّ بذلك في وجودي، فأرى بأنّه لا وجود لكدورة الذنب في داخلي، وبأنّ رحمتك أتت وحلّت مكانها، وأعلم بأنّك سترت الخطأ الذي ارتكبته، وبأنّ ذلك الخطأ قد ذهب بتوجّه واحد منّي فقط كنتَ أنت الذي وفّقتني إليه؛ فإذًا من المعلوم أنّني متنجّز، ومصدّق، وهذا الإحساس والتصديق واليقين هو الذي يدفعني إلى الأمام، وأمّا إذا افتقدت ذلك... إذ يوجد بعض الأشخاص كذلك، فيأتون إلينا ويقولون: سيّدنا، لقد ارتكبنا هذا الذنب، فهل يُعقل أن يغفر الله لنا؟! يا عزيزي، يغفر الله ويعفو.. بالله وبالنبيّ يعفو عنك! يعني أنّ حالة من اليأس والقنوط قد سيطرت علينا إلى حدّ نرى في الواقع أنّ الله تعالى عاجز، غاية الأمر أنّنا ننسب ذلك إلينا!
فلا فرق عند الله تعالى بين أن يعفو عن ذنب واحد وبين أن يعفو عن ذنوب كثيرة؛ فعندما يريد أن يعفو، فإنّه يقوم بذلك في لحظة واحدة وتنتهي المسألة! فسواء صدر منك ذنب واحد أو ذنوب كثيرة، فإنّ ذلك يُمحى في لحظة واحدة! وهذا نظير ما يحصل عندما تريد أن تحذف شيئًا من جهاز الكمبيوتر، فبضغطة واحدة على الزرّ تحذفه، سواءً كان مؤلّفًا من كلمة واحدة أو من ألف كلمة، ولا يتطلّب منك الأمر أن تحذف واحدة بواحدة؛ فالله تعالى يضغط على الزرّ مرّة واحدة فقط، بغضّ النظر عن عدد الذنوب التي صدرت منك، وما عليك إلاّ أن تُحسن توبتك أنت، وتجعل منها توبة حقيقيّة ونصوحًا، وتكون لك إرادة حقيقيّة في عدم العودة [لاقتراف ذلك الذنب]، فيضغط الله تعالى على الزرّ مرّة واحدة، ليُمحى كلّ ذلك؛ وفي هذه الحالة، مهما فتّشت عن ذلك الذنب، فإنّك لا تجده، وتبدأ تتساءل مع نفسك: أفهل ارتكبت هذا الذنب من الأساس؟! وقد حصل مثل هذا الأمر فعلاً.
فبعض الإخوان ـ إن لم نقل أكثرهم ـ ، عندما يعملون على تنفيذ تلك البرامج المرتبطة بالتوبة التي أمر بها العظماء والأولياء والعرفاء، ويُريدون توضيح تلك الأمور، يقولون: عندما أنظر إلى نفسي الآن، أرى أنّني لم أذنب من الأساس، فما الذي حصل؟ فقبل العمل بذلك البرنامج وتنفيذ تلك الأوامر، كنت أقول مع نفسي: هل يُعقل أن يعفو الله عنّي؟! أي أنّني كنت يائسًا كثيرًا من رحمة الله تعالى، وأمّا الآن، فلا أرى أنّني أذنبت أصلاً.. {أُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَنات‏}. ويبدو أنّنا تحدثّنا عن هذا الأمر سابقًا، وبيّنا كيف أنّ الله تعالى يقلب الذنب ويبدّله إلى حسنة؛ فأحيانًا، يستر الله تعالى الذنب ويعفو عنه، وهذا واضح، لكن أحيانًا يبدّله إلى حسنات، فهذا كيف يحصل؟ عجيب جدًا! إذ كيف يتبدّل الذنب إلى حسنة، وكيف يتبدّل روح الذنب إلى نورانيّة؟ فهذا شيء عجيب! وهو بنفسه يحتاج إلى كلام مفصّل، غير أنّنا لن نتعرّض له الآن.
فكان أحدهم يقول: إنّني لا أشعر في نفسي بأنّني أذنبت من الأساس! ثمّ ظنّ بعد ذلك أنّ هذا أمر سيّء، وأنّه على الإنسان أن يشعر دائمًا بذنبه، فقلت له: لا يا عزيزي! لقد عفا الله عنك، فاذهب وامرح وارقص، فقد صرت موردًا لرحمة الله ومغفرته! لقد طهّرك الله تعالى، فلماذا تسعى وراء ذنوبك؟! لقد انتهى الأمر، وحُذف ذلك من ذهنك!
هكذا هي المسألة، فعندما يريد الإنسان أن يرجع، وأن يتوب، ويُقرّر أن يُغيّر برامجه، فإنّ الله تعالى يساعده؛ فبمقدار ما تدفع مالاً، تأخذ طعامًا! لقد كان هذا المثل يجري دائمًا في ذهن المرحوم العلاّمة وعلى لسانه، فكان يقول لنا دائمًا: بمقدار ما تدفع مالاً تأخذ طعامًا! فإن دفعت كثيرًا، امتلأ ظرفك طعامًا، وإن أقللت، امتلأ نصفه؛ وهكذا!

    

سوء ظنّ الإنسن بالله مانع من سلوكه إليه

بناء على ذلك، نرى أنّ الإمام يعلّمنا ويبيّن لنا الطريق، ويقول: في علاقتك بالله، ليكن تعاملك معه على أساس الفضل، واعلم أنّ هذا الفضل سيأخذ بيدك، فلا تيأس، ولا تكن سيّء الظنّ به تعالى، وإلاّ فسوف يعيقك سوء الظنّ هذا عن الحركة! فلا تأتِ غدًا وتعترض على الله تعالى وتقول: إلهي، لم أستطع! فيُقال لك: كان بإمكانك أن تكون حَسَن الظنّ! "أنا عند حسن ظنّ عبدي المؤمن بي"؛[4] أي أنا أنظر إلى العبد هل لديه حسن ظنّ بي أم لا، فإن وجدتُه لا يُحسن الظنّ بي، تركته! فما علاقتي بك إن لم يكن لديك حسن ظنّ بي، فاذهب! وواقعًا نحن كذلك! فمن باب المثال، إذا وجدنا شخصًا أو رفيقًا لديه سوء ظنّ بنا، ترانا نقول: دعه، فلماذا عليّ أن أسدي هذه الخدمة له؟! وأمّا إذا رأينا أنّ رفيقًا لديه حسن ظنّ بنا، فحتّى لو لم نرغب في إسداء الخدمة له، تجدنا نقول: بما أنّه يُحسن الظنّ بي، فلأذهب وأسدي له هذه الخدمة وأقضي له حاجته!
هكذا يفعل الله تعالى أيضًا، فنحن مثل الله، ونمتلك مثل هذه الأوصاف!! ولهذا فإنّنا نفرح بحسن ظنّ الناس بنا؛ كأن يُقال لنا: دعك من فلان، فإنّه لا يهتمّ بالآخرين، ويسعى وراء عمله فقط! فعندما يرى الإنسان بأنّ هذا الشخص يتعامل معه بهذه الطريقة، وأراد أن يُسدي له خدمة، تجده يقول: حسنًا، غاية ما يُمكنني القيام به هو أن أفعل له هذا الأمر، وأمّا أن أزيد عليه، فلا! أو يقول: دعك منه، فإنّه يحسب نفسه ذو منزلة عالية.. دعك منه، فإنّه يفعل كذا وكذا! فعندما يشعر الإنسان بسوء ظنّ اتّجاهه من طرف ذلك الشخص، فسوف تحصل له بدوره مثل هذه الحالة بالنسبة إليه، وأمّا إذا شعر الإنسان بأنّ رفيقه لديه حسن ظنّ به، وتعامُله معه هو تعامل آخر، وتعلّق خاطره به هو تعلّق مختلف، وعلاقته به هي علاقة مختلفة، فإنّه من نفسه لن يستطيع ألاّ يأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار.
والله كذلك أيضًا، فهو يريد أن يكون لدى عباده المؤمنين حسن ظنّ به! يا عزيزي: هناك إله.. هناك عظيم وهناك حقير، هناك سيّد وهناك عبد، ولكلّ شيء حسابه الخاصّ.. يقول الله تعالى: أنت لديك حسن ظنّ بجميع المخلوقات، إلاّ بي أنا! وأنت تذهب إلى ألف شخص وتنحني أمامهم تسعين درجة، وتذهب إلى هذا وإلى ذاك، وتذهب إلى مخلوقاتي ليُساعدوك في أمورك؛ فمتى تذكرني إذًا؟ ومتى تلتفت وتتوجّه إليّ؟! ومتى تأتي إليّ؟! ألا تعلم أنّ كل أثر يترشّح منهم هو عبارة عن أثري أنا؟! ألا تعلم هذا؟ ألا تعلم بأنّ هذا الذي يقوم لك بهذا العمل، أنا الذي ألقيت في روعه ذلك؟! ثمّ تغفل عنّي، وتقول: ذهبت إلى فلان، وإلى المكتب الفلاني وأنجز لي هذا العمل! حسنًا يا عبد الله، لو لم يلقِ الله في روعه القيام بهذا العمل، لما قام به! فقد كان بإمكانه أن يقول: اذهب وأغلق الباب! عندي جلسة! لا وقت لديّ! عندي اجتماع! تفضّل بالذهاب الآن! ألا يقولون ذلك؟ يقولون! لقد تركتَ الأصل، وأتيت إلى أشخاص آخرين؛ فماذا يُسمّى هذا؟ يُسمّى سوء ظنّ.
حسنًا، لقد ألمحنا إلى هذا المطلب في هذه الليلة، وسنعمد ـ إن شاء الله ـ على إكماله في الليالي اللاحقة. وعلى كلّ حال، فإنّه مطلب مهمّ، ومع أنّنا لم ننته بعد من الحديث عن مسألة الفضل لكي ننتقل إلى الفقرة التالية، لكنّ هذا ما حصل هذه الليلة، حيث جرى الكلام عن هذا المطلب.

    

تنجّز السالك وتصديقه بمسيره يحجزانه عن الاهتمام بالآخرين

إنّ هذا التنجز أمر مهمّ، وذلك بأن يكون لدى الإنسان يقين بالمسير الذي يسير فيه، وبالمدرسة التي ينتمي إليها، وأن يكون لديه تصديق بأنّ الحقيقة هي في هذا المكان الذي يتواجد فيه؛ عندئذٍ، إذا كانت الحقيقة في هذا المكان، فلا ينبغي عليه أن يُعير سمعه إلى ماذا قال هذا وماذا قال ذاك ، وماذا هنا وماذا هناك؛ فجميع هذه الأمور تصير موانع وصوارف، بحيث تأتي هذه الصوارف وتقلّل من ذلك التنجّز وتبري ذلك اليقين وتكسره، فتعمل على خفض ذلك التنجّز الذي ينبغي أن يكون في الإنسان، وتلك الاستقامة التي يجب أن يتوفّر عليها، وذلك الفكر الذي ينبغي أن يكون متمحّضًا ومركّزًا على نقطة واحدة حتّى يمكنه أن يجني استفادة أكثر؛ نعم، فالشياطين والأبالسة منتشرون بشكل كبير هنا وهناك، فيأتي أحدهم ويبعث الشكّ في الإنسان، ويأتي الآخر ويبعث الشكّ فيه، وهكذا إلى أن تتبدّل المسألة شيئًا فشيئًا إلى هيئة،[5] وبعد ذلك في أمان الله! إنّ هذا كلّه بسبب أنّنا نفتقد للتنجّز، ولا تصديق لدينا، ولسنا ثابتين على الطريق وعلى المباني والأصول؛ مع أنّ هذه الأمور ـ كما ذكرت لكم سابقًا ـ هي بأيدينا نحن، فالمباني بأيدينا والمسائل بأيدينا.
ففي أحد الأيّام، كنت أتحدث عن أنّ أهم مباني هذا الطريق هو اهتمام الإنسان بعمله، دون النظر إلى أعمال الآخرين؛ فهذا من جملة المباني والدستورات الأخلاقيّة التي كان المرحوم العلاّمة يؤكّد عليها كثيرًا؛ أي أن تهتمّ بنفسك، من دون أن تكون لك علاقة بمن يأتي ومن لا يأتي! فإذا كنت قد اهتديت للحقّ، فخذه واعمل به وتقدّم على أساسه، وأمّا أن تخوض في السؤال عن: لماذا هذا أتى وجلس هناك؟ فلا علاقة لك به.. لماذا هذا جالس هنا؟ لا علاقة لك به! لماذا هذا أتى، وتحدّث مع السيّد؟ فليفعل ذلك! لماذا السيّد يضحك مع فلان؟ هو أراد أن يضحك معه؛ فهل هو بحاجة إلى أن يأخذ إجازتك ليضحك أو يبكي؟! إنّ هذه المسألة مهمّة جدًا، وهي موجودة دائمًا، فمن أهمّ الأسباب التي جعلت ذاك الشخص ـ الذي ذكر المرحوم العلاّمة اسمه في الروح المجرّد ـ ينفصل عن المرحوم الحدّاد هي أنّه كان فضوليًّا، وقد كانت هذه المسألة أحد أهمّ الأسباب التي أحدثت تغييرًا وتبدّلاً في ذلك الشخص، وأدّت إلى طرده من قبل السيد الحدّاد؛ وكان هذا الأمر مشهودًا. وأمّا المرحوم العلاّمة، فلم تكن أيّة علاقة له بما كان يجري؛ فكان البعض يأتي ويذهب، وكان بعض المخالفين يأتون إلى منزل السيد الحدّاد، كما كان يأتي أيضًا بعض الأشخاص الصالحين الذين لم يكونوا تلامذة له؛ فمن باب المثال، كان المرحوم السيّد مصطفى الخميني ابن المرحوم آية الله الخميني رجلاً صالحًا وذا نفس طيّبة وإنسانًا واعيًا، وكان فهيمًا وذا نفس صافية، وكان واضحًا أنّه يسعى وراء الحقيقة؛ فكنت أراه مرارًا، حيث كان يأتي أيّام الجمعة من النجف، وكان يجلس متربّعًا أمام السيّد الحدّاد وكلّه سمع له، فكان يجلس يستمع إلى السيد الحداد لمدّة ساعة، وإن كانت لديه أسئلة، كان يطرحها، فيجيب عنها السيّد الحدّاد، ثم يودّعه ويذهب؛ لقد كان يأخذ نصيبه منه ويذهب! رحمة الله عليه، فقد كان رجلاً صالحًا وكريم النفس، وإنسانًا جادًّا، وكان المرحوم السيّد الحداد يحبّه أيضًا، وكان ذلك واضحًا من طريقة كلامه معه وعدم ردّه.
لقد كان يأتي الكثير من الأشخاص المخالفين والذين كانوا يختلفون معه، فلم يكن المرحوم العلاّمة يتدخّل في أيّ شيء، بينما كان ذاك الرجل يعترض ويقول: لماذا جاء هذا إلى المنزل؟ ما شأنك أنت بذلك؟! أو يقول: لماذا أتى هذا ولماذا جاء ذاك؟ يا عزيزي، هل أنت مسؤول مكتبه؟ هل أوكل الأمر إليك؟ لم يكن للسيّد الحدّاد المسكين مكتب ومعاونين حتّى يجعلك مسؤولاً؛ فما هي علاقتك بذلك؟! تعال يا عزيزي، واستفد منه، واذهب من دون أن تتدخّل! نعم، إن كان نصيبك قد قلّ بسبب ذلك، فهذا كلام آخر، لكنّ المفروض أنّك تأخذ نصيبك وزيادة، إلى حدّ الإفاضة عن طاقتك؛ فإذا كان ذلك الشخص يُريد المجيء، فما علاقتك أنت بذلك؟ ولو أراد منه المرحوم الحدّاد ألاّ يأتي، لقال: لا تدعوه يدخل! قد يأتي يوم، فيكون هذا الفضول سببًا في سقوط الإنسان! يا عزيزي، أدّ ما عليك، واذهب لحال سبيلك!
لقد كنت أتحدّث عن هذه المسألة، ومن جملة ذلك أنّ بعض الأشخاص كانوا هناك، وكنت أعنيهم بكلامي.. يا عزيزي، إذا كنت جالسًا في مكان ما، فلماذا تنظر هنا وهناك لترى ماذا يجري؟! بل طأطئ رأسك، واهتمّ بنفسك، وأنجز ما عليك فعله!
حسنًا، فما الذي سيحصل إذا لم نرتّب الأثر على هذه المسألة؟ ستبقى هذه الصفة في النفس إلى أن ندخل فجأةً في بعض المسائل التي توجب لنا الشبهة والإشكال؛ ففي النهاية، سوف يأتي يوم، وتكون هذه الصفة سببًا في سقوط الإنسان، كما سببّت فعلاً في سقوط البعض؛ فعندما نقول بأنّه على الإنسان أن يتشبّث بالمباني، فالنفع في ذلك إنّما يعود على الإنسان نفسه! يا عزيزي، إنّ أحد هذه المباني هي أن تهتمّ بعملك وبنفسك، فإن لم تصغ للكلام، سوف تسقط، وإن سمعت الكلام، سوف تتقدّم للأمام!
لقد كان المرحوم العلاّمة على هذا النحو؛ فعندما كان يسمع شيئًا من العظماء، كان يذهب ويطبّقه على نفسه، وكنّا قد ذكرنا قبل ليلتين بأنّه حتّى حينما كان أساتذتُه يتحدّثون عن شخصٍ آخر غيره، كان يقول: هذا المطلب مرتبط بي، وأنا المعني به، وعليّ أن أعمل به.
نرجو من الله تعالى ـ إن شاء سبحانه ـ ألاّ يحرمنا نعمة فهم هذه المطالب وإدراكها، ويوفّقنا شيئًا فشيئًا للوصول إلى هذه الحقائق التي بيّنها لنا هؤلاء العظماء والأولياء والعباد المختصّين بحضرته من خلال هذه العبارات والمناجاة وهذه الأدعية وهذه المضامين.
وحقيقةً، إذا تدبّر الإنسان في هذه الفقرات من دعاء أبي حمزة، فلن يعود بحاجة إلى أيّ شيء آخر، ولن يحتاج إلى أيّ دستور سلوكي آخر، وإلى أيّ كتاب آخر؛ فيكفي أن نأخذ دعاء أبي حمزة، ونقرأه، وندقّق فيه، لنرى ما هو مراد الإمام من دعائه لله، ولا نقول بأنّ الأئمّة قالوا لنا بأن نقرأ هذا الدعاء في ليالي شهر رمضان، لنحصل على ثواب ونسجل حضورنا فقط! كلاّ، لقد ذكر الأئمّة هذه المطالب لأجلنا نحن، ولأجل يومنا هذا، ولكي نأتي ونجلس سويًّا ونرى ما الذي يُمكننا فعله، ونتعرّف على أمراضنا، وما هو الدواء الذي ينفعنا، ولكي نمشي في الطريق الذي حدّدوه لنا، كما مشى الآخرون على هذا الطريق ووصلوا إلى مقصودهم!
والله وبالله وتالله، أنا أشهد بأنّ المرحوم العلامة الطهراني الذي تعرفونه والسيّد هاشم الحدّاد الذي تعرفونه والسيّد علي القاضي قد قرؤوا هذه الأدعية وعملوا بهذه المطالب، وكانوا يتحدّثون في كلامهم بهذه الفقرات، وكانوا يعرضون نفس هذه المسائل والمضامين على رفقائهم، ويعملون هم بها؛ ولهذا صاروا كذلك، فصار أحدهم السيّد القاضي، والآخر السيّد الحدّاد، والآخر العلاّمة الطهراني، والآخرون أيضًا يمكنهم أن يصيروا كذلك؛ فهذا هو الطريق، وعلى الإنسان ألاّ يضع رأسه تحت التراب، بل عليه أن يعمل بالشيء الذي فهمه، ويرتّب عليه الأثر.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للعمل بهذه المطالب والمضامين، وأن ينعم علينا ببركاته وألطافه الغيبيّة.
اللهم صل على محمد وآل محمد


[1] ـ راجع: معرفة المعاد، ج 10، ص 56. المترجم

[2] ـ يقول السيّد ابن طاووس رحمه الله في كتاب «فلاح السائل»: فَقَدْ رُوِيَ أن مَوْلَانَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ [عَلَيْهِ‏السَّلَامُ‏] كَانَ يَتْلُو القُرْآنَ في صَلَاتِهِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا أفَاقَ سُئِلَ: مَا الذي أوْجَبَ مَا انْتَهَتْ حَالُكَ إليه؟ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ: مَا زِلْتُ اكَرِّرُ آيَاتِ القُرْآنِ حتى بَلَغْتُ إلَى حَالٍ كَأنَّنِي سَمِعْتُ مُشَافَهَةً مِمَّنْ أنْزَلَهَا، عَلَى المُكَاشَفَةِ وَ العِيَانِ، فَلَمْ تَقُمِ القُوَّةُ البَشَرِيَّةُ بِمُكَاشَفَةِ الجَلَالَةِ الإلَهِيَّةِ (معرفة الله، ج ‏1، ص 306). المترجم

[3] ـ سورة الحجّ، الآية 62.

[4] ـ [الكافي‏] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ: أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ بِي إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً (بحارالأنوار، ج 67، ص 366). المترجم

[5] ـ المراد بالهيئات هنا هي تلك المؤسّسات التي يُشكّلها بعض عوامّ الناس من أجل إقامة المناسبات المرتبطة بالمعصومين عليهم السلام؛ وقد أصبحت الكثير من هذه الهيئات تحصر اهتمامها بالأمور الظاهريّة فقط، لتتحوّل بذلك مراسم العزاء (وغيرها) إلى طقوس رتيبة قد تكتنفها في بعض الأحيان بعض مظاهر الابتداع. المترجم

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->