معرض الصور المحاضرات صوتيات المكتبة سؤال و جواب اتصل بنا الرئیسیة
 
المقالات و المحاضرات > محاضرات العلامة الطهراني > محاضرات متعددة > المراقبة‮ ‬والتزكية‮ ‬و‮ ‬ضرورة‮ ‬الحذر‮ ‬أثناء‮ ‬السير‮ ‬والسلوك

_______________________________________________________________

هو العليم

المراقبة والتزكية و ضرورة الحذر
أثناء السير و السلوك

 

ألقى هذه المحاضرة في مشهد المقدسة في الثالث من شوال سنة 1411 هجرية

سماحة العلامة

آية الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه

_______________________________________________________________

تحميل ملف البد دي أف                                           تحميل الملف الصوتي للمحاضرة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

    

توطئة:

 

إنّ سلوك الطريق إلى الله لا يتحقّق بمجرّد الكلام والقول, وإنّما هو توأم مع العمل, وبالمقدار الذي يعمل الإنسان يكون ناجحاً ومتقدّماً في سيره, وبالمقدار الذي يتخلّف فيه عن العمل يكون متأخّراً عنه.
صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله في فتح مكّة, فوقَ جبل الصفا, حيث أحاط به بنو عبد المطّلب, وكانَ هناك حشد عظيم, بعد أن سيطر المسلمون على الكفّار وانتصروا عليهم, وطُردَ المشركون وأُبعدوا وهزموا, وصاروا أذلاّء ينظر إليهم كأبناء الطلقاء, وأصبحت القدرة والعظمة والعزّة والمهابة للنبي وأهل بيته، ولبني هاشم وبني عبد المطّلب. في ذاك الوقت ألقى النبيّ خطبة مختصرة جدّاً تعرّض فيها إلى:
أنّنا نشاهد الآن أنّ الإسلام قد انتصر, وأصبحت العزّة للإسلام, والله قد منّ علينا بالنصر, وغلبت كلمة الحقّ على الباطل, فلا تتصوّروا أنّكم بواسطة انتسابكم إليّ أنّ الأمر قد تمّ, وحسب (المثل الفارسي) المتعارف: لقد عبرَ حماركم على الجسر فيمكنك أن تفعلوا وتعبثوا كيفما تشاؤون![1] وتفعلون ما يحلو لكم.. وأنّ انتسابكم إلى نبيّ آخر الزمان يعفيكم ويصفح عنكم ويستر عليكم كلّ شيء, أو أنّه يوافقكم ويمضي ما تفعلونه... لا أبداً. ليس الأمر كذلك! كلّ شخص مرهونٌ بعمله, فأنا مرتهن بعملي وأنتم مرتهنون بعملكم! وإنّ لي عملي ولكم عملكم, فإنْ أنا عصيت الله سوف أسقط, وأقع في وادي الهلاكة.
وهذه هي وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام إلى أولاده, وكذلك هي وصيّة جميع الأئمّة عليهم السلام إلى أولادهم وأقربائهم والمنتسبين إليهم وأصحابهم وأمثال هؤلاء. وخلاصة الأمر, أنّه لم تتمّ المسألة بمجرّد الانتساب, بحيث يخال للإنسان أنّه بصرف ذلك يمكنه أن ينتفع ويتقدّم إلى الأمام, وبالتالي يتستّر ويتخفّى بسلوكه في الطريق المعوجّ ومخالفة سنّة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فلو كان كذلك لكان الله ظالماً! فالله يتعامل بعين واحدة مع جميع الموجودات, ولو كان الأمر في هذه المسائل على هذا النحو, أي: أن يكون مجرّد الانتساب موجباً للتقرّب ونيل المقام والمنزلة والسير والوصول إليه ونحو ذلك ـ دون إعمال النظر والحكمة ـ فمن الواضح أنّ ذلك سيؤدّي إلى نتائج خاطئة مائة بالمائة.

    

حول حقيقة السلوك إلى الله

 

السلوك عبارة عن العمل, سلوك طريق الله هو العمل, والسالك هو الشخص الذي يجتاز هذا الطريق بصدق, ويكون الاعتناء بنفسه أهمّ من سائر أعماله بالنسبة إليه, بحيث يشدّ حزام الهمّة من أوّل الأمر, ويحفظ نفسه ـ بحول الله وقوّته ـ من جميع الآفات والعاهات التي تعترضه أثناء الطريق.
فمنها: الإفراط في الأكل والأطعمة واللذات المادّية. لذا على السالك أنْ لا يأكل كثيراً, لا ينبغي أنْ يتملّى من الأكل, فما لم يجع لا يأكل, وتناول اللحوم والبيض والدهنيّات والأطعمة الدسمة الثقيلة على المعدة مضرّ, وهي ثقيلة على الكبد والكلية, وكثرة الأكل منها مضرّ, وكذلك التفكّه والتفنّن فيه، والأكل بغرض التلذّذ فقط, كلّ ذلك فيه ضرر.
وكان المرحوم القاضي ـ رحمة الله عليه ـ يأمر تلامذته أن يمتنعوا عن تناول الطعام لمجرّد التفكّه! وفي أحد الأوقات, أعطى برنامجاً للسيّد الخوئي ـ حفظه الله إنشاء الله ـ حيث إنّه ظلّ لمدّة معيّنة يأخذ منه الدستور, فقال له: لا تتناول الطعام لمجرّد التسلية والتفكّه! فهو بدوره فكّر في الأمر, وتساءل في نفسه: ماذا عليّ أنْ أفعل؟ فيجب أنْ نأكل الطعام على كلّ حال. مثلاً: لا بدّ وأن نأكل الأرز وكذلك نأكل المرق أيضاً, وكي لا نقع في التفكّه والتفنّن نأكل الأرزّ لوحده منفرداً, ثمّ نأكل المرق منفرداً, ونكون قد قوّينا البدن, وفي الوقت نفسه نكون قد قلّلنا من التفكّه والتلذّذ بالطعام.
نعم لا شكّ أنّ الإفراط في ذلك أيضاً ليس جيّداً, فـ خير الأُمور أوسطها, فمن الحسن أنْ يأكل الإنسان أُسبوعيّاً اللحم مرّتين أو ثلاث مرّات, ولكن لا يزيد على ذلك؛ لضرره وهو يتعب فكر الإنسان ويقلّل عزيمته على العمل, وحينما يتعب الفكر تتعبُ الروح, وحينئذٍ يتعطّل هذا السيف الذي ينبغي أن يستفيد منه لاجتياز الطريق إلى الله, حتّى يصل إلى حدٍّ يقع ويسقط ويصدأ, ثمّ بالتدريج يصبح ثقيلاً, حينئذٍ يتبدّل ذاك السيف القاطع إلى قطعة حديد صدئة لا فائدة فيها.
ومنها ـ وهو الأهمّ من كلّ ذلك ـ: هو الرياضة الروحيّة, بحيث تكون نفسه وروحه طائعة بيده, فيسوسها ويؤدّبها, ولا يجعلها في أيّ طريق وأيّ ممشى, فلا يدخل نفسه في وادي مشتهياته النفسانيّة! فالمجالس والمحافل والكلام والتحدّث... كلّ ذلك مضرّ, ويُسقطُ الإنسان بشكلٍ كلّي, ونحوه الخروج لمجرّد الترفيه, والسفر دون سبب, كلّ ذلك يتعب الإنسان.
كان المرحوم القاضي يقول: إنّ الأعلام والأكابر كانوا يقولون: السفر للسالك مضرّ جداً, ويجب أنْ يكتفي بالحدّ الأقلّ وبمقدار الضرورة, وإلاّ فإنّ تلك المدّة التي يكون فيها مسافراً يفقد ذاك السكون وتلك الطمأنينة شاء أم أبى. هذا مضافاً إلى أنّه لا يكتسب شيئاً في هذه الفترة, ولا يتقدّم, وحين العودة عليه أنْ يبقى لمدّة طويلة يبذل جهداً في استرداد تلك الحالات التي كانت لديه من السكون والطمأنينة.
ومنها: السكوت وعدم التكلّم في غير موضعه, ولا يتحدّث كثيراً, بل عليه أن يجتنب الكلام العادي, وهذا بالنسبة للسالك من البرامج الضروريّة اللازمة.
ينبغي للسالك أن لا يتكلّم ولا يقول مثلاً: نجلس معاً أنا وصديقي مثلاً ونتكلّم في هذا الأمر وذاك؛ نتكلم عن الأرض والسماء والشرق والغرب والسياسة وهنا وهناك. وذلك بعنوان أنّنا مثلاً شخصان بيننا صداقة ومودّة, من نفس المشرب وعلى نفس الطريق وهو ممّا لا ضرر فيه. لا أبداً!! بل هو مضرّ جدّاً, ويوجب السقوط بشكل كلّي, ويقضي عليه بشكل تامّ من حيث لا يشعر.
فهذا آية الله الحاجّ الشيخ محمّد تقي بهجت الفومني, والذي ما زال ـ بحمد الله ـ على قيد الحياة, وهو متشرّف بالسكن في قم فعلاً, حيث كان أحد تلامذة المرحوم القاضي, وفي زمان شبابه وصباوته كان يمتلك حجرة في مدرسة السيّد اليزدي, ويظهر أنّه مكث في تلك المدرسة سبع سنوات, وكان يراعي المراقبة والسكوت إلى الحدّ الذي لم يكن ليراه أحد من الطلبة في مدرسته!
وكذلك الحاجّ الشيخ عبّاس القوچاني ـ رحمة الله عليه ـ والذي قد ارتحلَ إلى الدار الأبديّة منذ سنة وبضعة شهور, يقول: كان لدينا حجرة في مدرسة السيّد اليزدي ـ لكلّ حجرته ـ وحينما جاء الشيخ محمّد تقي إلى المرحوم القاضي ـ رحمة الله عليه ـ وتلقّى منه الدستورات, كان حينما يريد الخروج من المدرسة لحضور الدرس ويرجع, يغطّي رأسه بوضعه العباءة عليه؛ وذلك كي لا يراه أحدٌ في الطريق أصلاً, ولا يلتقي بأحد أو يتكلّم معه, ولا ينشغل معه بالسلام وردّ السلام.
وبعد ذلك أضاف قائلاً: كان شديداً في مراقبته بحيث كان حينما يريد الورود إلى المدرسة والدخول إلى الحجرة, كان يأتي من ذاك الباب الواقع في الدهليز المسقوف خلف المدرسة, حيث كان من جهة الغرفة العليا وفوق الدرج, فكان يذهب منه دون أنْ يرد صحن المدرسة, على نحوٍ لا يلتقي مع أحد, وهذا لم يكن لمدّة يومٍ أو يومين! بل كان على ذلك طوال السنوات السبع, هكذا كان يعمل. وبالطبع فهو الذي حصل على عاقبة ذلك وحده.
وفي هذه السنوات الأخيرة في طهران, رأينا أحدهم ممّن كان لنا علاقة معه سابقاً, فهو أحد علماء تبريز, وقد أتى إلى طهران وسكن فيها, وله مسؤوليّات ومناصب وما شابه ذلك. وفي أحد الأيّام التقينا به ـ مع أنّه واقفٌ على علاقتنا بالعلاّمة الطباطبائي بشكل كامل ـ فشرع يشكو العلاّمة الطباطبائيّ حيث قال: نحن مع كوننا من منطقة واحدة, وكنّا ندرس في النجف سويّاً, إلاّ أنّ العلاّمة الطباطبائي لم يكن ليسمح لنا بالتواصل معه أصلاً, لا هو ولا أخوه.. فهما حينما يريدان أنْ يمرّا بالسوق للذهاب إلى الدرس أو الرجوع منه يحنيا رأسهما إلى الأسفل, ولا ينظران إلى هذا الجانب ولا إلى ذاك, وإنّما يسدلان عيونها إلى الأسفل, وكأنّنا أصلاً لسنا بشراً أمامهما.
نعم, كان هذا الشخص يقول ذلك بقصد الشكوى, أي: بقصد الشكاية أو التعريض. ولكن حسناً: ماذا يعلم هذا أنّ العلامة أو أخاه في ذاك الوقت حيث كانا من الطلبة, ولم يكن قد تجاوز عمرهما العشرين ونيّفاً ليس أكثر ـ فأخوه كان أصغر منه بخمس سنوات (أعني: السيّد محمّد حسن) ـ فهؤلاء لماذا لم يكونوا يتكلّمون مع هذا وذاك؟ لماذا لم يكونوا يتلفّتون إلى هذا الجانب أو ذاك؟! لماذا لم يسلّوا أنفسهم؟ والحال أنّ النفس الإنسانية تحبّ أن تتفرّج وتتلفّت إلى هنا وهناك, وتميل إلى الاختلاط مع فلان وفلان.. أليس كذلك! إذنْ, في قلب هؤلاء همٌّ وألمٌ.. وهم يعرفون أنّه لا يرتفع إلاّ بذلك, كما أنّهم لا يهينون أحداً, بل لكلّ احترامه المحفوظ, ولكن ذلك لا يستدعي أنْ ينجرّ الإنسان إلى هذه الجهة وتلك, وينظر هنا وهناك, ويتوادد مع هذا ويسلّم على ذاك, ويتكلّم عن هذه المسألة وتلك, ويتواجد في المجالس والمحافل والمعاشرات التي لا طائل منها.
وعليه فالسكوت أحدُ البرامج الأساسيّة لهذا الطريق, ولو لم يلتزم الإنسان بالسكوت مطلقاً, فسيخسر كلّ رأسماله النفسيّ وسيفقد مكتسباته النفسيّة، فالنفس قد تعبتْ واشتغلت بالذكر, وقامت بالعبادة. فلو أحيا الإنسان إحدى الليالي حتّى الصباح مثلاً، حسناً هذه النفس تنتج وتكتسب, فإنْ يسكتْ يبقَ ذلك محفوظاً لديها, وبالتالي تبقى هذه النفس مع مكتسباتها مصونة كذلك, وتتمتّع بالهدوء والسكينة, وحينئذٍ تتوجّه نحو مكتسبات جديدة. وأمّا لو لم تسكت فسوف تضطرب النفس بأجمعها وتهتزّ, وسوف يعلو منها جميع نفاياتها وأوساخهاوبالتالي سيتلوّث ذاك الصفاء والماء الزلال الكائن في النفس وستتّسخ روحه, والحال أنّه هو لا يفهم ذلك حسب الظاهر ولا يلتفت إليه, أو أنّه يشرع بالاعتراض ويقول: ماذا نفعل فنحن لا نتقدّم!! ما الذي ينبغي أن نقوم به، فنحن لا نترقّى!! ماذا علينا أن نعمل فنحن لا نتكامل؟ كلّ ذلك لأجل هذه المسألة: إنّه يقوم بإهدار ما يكتسبه من مكان آخر, مثل الخزّان: يكون له ثقبان: يرد الماء من أحدهما, ويخرج من الآخر, فمن الطبيعي أنّه لو بقي جميع عمره يدخل الماء فيه فإنّه لن يمتلئ.
جان همه روز از لگد كوب خيال
                             وز زيان و سود وز خوف زوال
ني صفا مى ماندش نى لطف و فر
                             نى به سوى آسمان راه سفر[2]

ومنها: حضور القلب في الصلاة واجب, وهو أمر ضروري, فلو لم يكن للإنسان حضور قلب, فإنّ صلاته لا ترتفع إلى الأعلى إلا بذاك المقدار.
ولدينا رواية تصرّح بأنّ الصلاة ترتفع إلى الأعلى بالقدر الذي يكون للإنسان حضور قلب, وأما بالمقدار الذي لا يكون للإنسان حضور قلب فلا تعلو ولا ترتفع صلاته. إذ يرفع الملائكة صلاة الإنسان, حتّى تصل إلى السماء الأولى فيقال: أرجعوا هذه الصلاة واضربوها بوجه صاحبها؛ لأنّه لم يكن أثناء صلاته متوجّها إلينا, وقد جعل لنا شريكاً آخر أثناء صلاته, ويقول الله: أنا أفضل وأحسن شريك, لذلك فإنّي أعطي حصّتي إلى ذاك الشريك الآخر, فأنا غير محتاج إلى هذه الصلاة!
ومن الممكن أن يعمل الإنسان ويسعى كثيراً, ولكن تكون نتائج سعيه قليلة, وذلك لأجل هذا الأمر, وعليه فلا بدّ للإنسان أن يراعي هذه المسألة.

    

ما أفاده العلّامة الطباطبائي في المقام

 

كنت ذات يوم عند العلاّمة الطباطبائيّ فسألته عن العمل الفلانيّ: في أيّ حالة يكون نافعاً ومؤثّراً؟ أي كيف يكون مؤثّراً؟ فقال: مع المراقبة! المراقبة! بعد ذلك شرع بتفسيره فقال: هل تعلم ما معنى المراقبة؟ حقيقة المراقبة هي: >صمت وجوع وسهر وعزلت وذكرى به دوام< أي لا بدّ من الصمت والجوع والسهر والعزلة وذكر الله على الدوام, يعني: كي يتحقّق هذا العمل لا بدّ معه من المراقبة قطعاً.
والصمت يعني: السكوت.
والجوع يعني: تنظيم الأكل, وترك التشهّي, والابتعاد عن الإفراط في الطعام وما شابه ذلك, والصوم أيضاً, وهو الحدّ الأعلى والأكمل للجوع, بشرط أنْ لا يتدارك ما فاته حين الإفطار أو حين السحر, ولا يعود يتملّى ويكدّس الطعام في داخله فتذهب جميع آثار الصوم وتزول.
والسهر يعني: الاستيقاظ آخر الليل, بل السالك لا ينال شيئاً من المقامات بدون اليقظة آخر الليل وبين الطلوعين, حتّى لو تعب وجاهد ألف سنة فلا فائدة في ذلك, وهذا برنامج أساسيّ!
وأمّا العزلة: فهي الابتعاد عن أهل الدنيا, وترك أهواء عبيد الدنيا وآرائهم, وأولئك الذين همّهم اكتساب المال والجاه والاعتبار. صحيح أنّهم مسلمون ويصلّون, ولكنّ قلوبهم خالية من همّ الدّين, وخاوية من لوعة الله, وإنّما همّهم المسائل الحياتيّة والاجتماعيّة وأمثال ذلك, فالاختلاط مع هؤلاء يتعبُ الإنسان ويميت روحه, ويوجب له الكسل والملل.
وأمّا دوام الذكر فهو اتّحاد قلب الإنسان واتّصاله بذكر الله والتفكير بالله, وكون الله موضع نظره في كل آن وكل ساعة. فيقول: كم مضى من عمري؟ وكم سيبقى منه؟ لا أدري! أو قد يكون نفذ! فهناك الكثير من أمثالنا ساروا وتحرّكوا وذهبوا ووصلوا, آلاف الأشخاص كذلك كانوا مثلنا أيضاً, وكانوا يتنعمّون بالحياة الورديّة حتّى أقدامهم, ثمّ علقوا بذلك وشرعوا بالتسويف و"سين" و"ليت" و"لعل".. حتّى انقضى عمرهم, وفي آخر المطاف رحلوا وأيديهم خالية.

    

أهمّيّة المراقبة

 

والمراقبة ـ التي هي عبارة مجموع هذه الأمور ـ حكمها حكم الحمية, وهي عبارة عن الشروط الضروريّة لذاك المريض الواقع تحت العلاج الطبّي. فذاك الدواء الذي يُعطى له، أو تلك العمليّة التي يريدون أن يجروها له, كلّ ذلك متوقّف على بعض الشرائط مثلاً، وهي أنْ لا يكون المريض قد أكلَ قبل العمليّة! فإذا أكل مقداراً قليلاً أو كان في معدته شيء من الماء, فمن الممكن أنْ يصاب باختناق إثر ذاك البنج المعطى له. لذلك يقولون له: عليك أن لا تأكل شيئاً! بل قد يقفون على سريره ليلاً ويراقبونه كي لا يتناول شيئاً، وعند ذلك لا يمكنه أن يسترق الماء ويشرب ويقول في نفسه: إنشاء الله لن يعرف الطبيب بذلك, ولن يفهم حقيقة الأمر! وأمّا لو لم يمنعوه, ولم يمسكوا يده, فسوف يقوم ويتناول الماء من تلقاء نفسه, ولكن هذا الماء يهدّد حياته بالموت, ويكون بنفس هذا العمل قد استقبل الخطر المحدّق به, فلو كان مطمئنّاً بقول الطبيب وبصحّة كلامه, ويعلم أنّ لهذا الفريق وهذا المستشفى أسلوباً وأنظمة متقنة وصحيحة, وأنّ كلّ من يرد إليه عليه أنْ يلتزم بذلك شاء أم أبى, حتّى تظهر تلك النتيجة المرجوّة والمفترضة من هذا المستشفى, بأنْ يصبح المريض سالماً معافىً.. لو كان مطمئنّاً بكلّ ذلك حينئذٍ سوف ينال ذلك وسيبلغ مراده, وإلاّ فلا.
فالسكوت يحزم أفكار الإنسان, وعلى العكس من ذلك فإنّها تتلاشى وتتناثر جرّاء التكلّم, وهذا طريقان متعاكسان, فلو أراد الإنسان أنْ يتوجّه إلى المشرق, وكان شرط ذلك مثلاً اختيار السكوت ـ حسب الفرض ـ فلو لم يصمت سوف يكون حاله كمن يتحرّك نحو الغرب!
فالسكوت الذي يقوم به الإنسان يؤدّي إلى ادّخار أفكاره في نفسه, فذاك الهدف الكامن في نفس الإنسان, والذي يظهر له بشكل متفرّق ومن خلال صور مشتّتة ومتكثّرة, كلّ ذلك يتجمّع بشكل تدريجيّ. وتلك الأمواج والتذبذبات النفسيّة والشقوق الحاصلة بين الصور الذهنيّة تتلاءم وتجتمع بواسطة الهدوء والسكون في النفس الحاصل من الصمت, فيشاهد الشخص النفس ويرى أنّ هذا الماء الكائن في النفس أصبح راكداً هادئاً إثر السكوت والصمت, وحينئذٍ يتمكّن من مشاهدة صورة القمر والشمس بواسطته.
وأمّا لو لم يراعِ الإنسان السكوت, بل أرسل عينه لتشاهد كلّ شيء, وفتح فاه على كلّ شيء, وجعل نافذة أذنه بوابّة مفتوحة لكلّ موضوع ليدخل في ذهنه, حينئذٍ يظلّ هذا الذهن متذبذباً بين حالتي التشتّت والتمركز, حينئذٍ يرى ظهورات الله في كلّ موجود, ولكن عماه لا يدعه يرى حقيقة ذات تلك الظهورات, فيرى تلك الحقيقة بواسطة صور متكسّرة وممتزجة {ءَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} [3]وهذا يبقى حتّى آخر عمره يعيش مع هذه التفرقة وهذا التشتّت, ويأنس باسم السلوك والعرفان, وهو مجرّد أنسٍ وسرور فقط! ولا يحصل على شيء أبداً, بل يذهب من هذه الدنيا تغمره الحسرة؛ لأنّ نفسه لم تخطُ أيّ خطوة في سلّم التكامل, فقد اكتفى من العمل بمجرّد الألفاظ, وبدلاً من أكل الحلوى وتذوّقها اقتنع بحفظ اسم العسل والحلوى فقط! فبدلاً من أنْ ينام في المستشفى ويقوم بإجراء المعالجة والرجوع إلى الطبيب وأخذ الوصفة الطبيّة اللازمة يكتفي بوضعها في جيبه فقط. فهذا لن ينال شيئاً أصلاً, بل سوف يواجه عقبات يبتلى الإنسان بها ولا مزاح في ذلك!!
في وقت من الأوقات كنتُ أقول في نفسي: هذه الآيات القرآنيّة التي تهدّد بالعذاب والعقاب وكذا وكذا.. واقعاً هل الله العليّ الأعلى يعذّب الإنسان ويحرقه ويفنيه ويخلّده في جهنّم؟! علماً أنّ هذا الحدّ الذي بيّنه قليل جداً! فهي إشارات صدرت من الأنبياء والأولياء والأئمّة والقرآن حول هذه المسائل! والحقيقة أنّ الواقع أشدّ من ذلك بكثير جدّاً!!
وحقّاً ما يقوله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أنْ نكلّم الناس على قدر عقولهم. يعني: أنّنا مأمورون أنْ نبيّن للنّاس على قدر مدركاتهم وفهمهم, ولا يمكننا أنْ نتجاوز ذلك.
فبقدر الخلايا التي يشتمل عليها دماغ الإنسان, وبالقدر الذي يحتويه بدن الإنسان من خلايا, وبمقدار الجهات الاستعداديّة للإنسان وقابليّاته وما له من القوّة, بمقدار كلّ ذلك ينبغي للإنسان أنْ يسير نحو التكامل ليبلغ فعليّته المحضة. حسناً نجد الإنسان لا يقوم بذلك, بل يهمل كلّ هذه الجهات, ويركّز سعيه في منحىً واحد فقط, وحينئذٍ سوف يرحل عن هذه الدنيا وهو ناقص, كما لو أراد قطفَ فاكهة فجّة, وهي في هذه الحالة لن تنفصل عن شجرتها, ممّا يؤدّي إلى خدش الشجرة والإضرار بها, فتخرب كل من الشجرة والفاكهة الفجّة. إذ الفاكهة الفجّة غير الناضجة لا يمكن إهداؤها للسلطان! بل يلقون بها في البستان كي تتحوّل إلى سماد, أو يلقون بها ضمن أعلاف الحيوانات. وحينئذٍ تكون حصيلة حياة الإنسان وخلاصة دنياه أنّه أصبح طعمة للشياطين، نعم! يكون في الواقع طعمة للشياطين وصيداً لهم! فهذا الإنسان المقدّر له أنْ يكون أعلى من الملائكة, يصبح طعمة للشياطين! حينئذٍ تزداد حسرته, وتشتدّ ندامته, ولا يوجد أمامه طريق للرجعة, بل يقف الشيطان ويقول:
{ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}[4] أي: أنا لم أجبركم, وإنّما دعوتكم فقط, لماذا لبّيتم دعوتي وتركتم نداء الله ودعوته؟! فأنا لا أقدر على مساعدتكم أبداً, كذلك أنتم لا تقدرون على مساعدتي, فكلانا مبتلى، أنا رهين نفسي وأنتم رهن أنفسكم, فلا تلتجئوا إليّ وتطلبوا منّي العون ولا تعاتبوني على ما خدعتكم به في الدنيا, بل تعالوا واحملوا عنّي هذا الحمل، وليلتزم كلٌّ بمسؤوليّته وتعهّده.
لذا على المؤمن أنْ يظلّ ساكتاً بشكل مطلق عن كلّ ما يوجب الضرر, إلاّ إذا كان أمراً بالمعروف, أو نهياً عن منكر, أو ذكر الله, أو مباحثة (المباحثة الخالصة لله وفي الله, دون التي تشتمل غالباً على كثير من الجدل والمراء, وإلاّ فبالمقدار الذي يلزمه كي يحصل على المطلب العلمي، عليه أن يتابع), لذلك فعلى المؤمن أنْ يكون وقورا.

    

دور الالتزام برواية عنوان البصري في السلوك

 

كان المرحوم القاضي ـ رحمة الله عليه ـ يعطي تلامذته برنامجاً هو أنْ يكتبوا رواية عنوان البصري ويضعوها في جيبهم على الدوام, ويقرأوها مرّتين في الأسبوع كما قال الحقير أيضاً لبعض الأصدقاء: أن يكتبوها ويضعوها في جيبهم, فمن يعرف العربيّة فبها, ومن لا يعرف العربيّة مثلاً, فلا أقلّ يكتب ترجمتها ويضعها في دفتره الصغير داخل جيبه ويطالعها يوماً أو يومين في كلّ أسبوع.
عندما ذهب الحقير إلى النجف وأخذ برنامجاً منه: العمل برواية عنوان البصري, ولزوم وضعها في الجيب, جعلت دفتراً صغيراً في جيبي منذ ذاك اليوم, وأتذكّر كيف أنّه لم يكن عندنا كتاب البحار، إذ كنّا نستنسخها منه، ذهبنا إلى حسينيّة الشوشتريّين حيث فيها مكتبة عامّة معروفة في النجف, فأخذنا المجلّد الأوّل من البحار من المسؤول عن المكتبة, وعثرنا على هذه الرواية, ونسختها هناك, وما زال هذا الدفتر الصغير عندي, فهو دفتر صغير كُتب فيه هذه الرواية في أوّله.
والغرض: أريد أن أبيّن أنّه يجب على الإنسان أنْ يسعى نحو الشيء ويتحرّك, وبدون المتابعة والتحرّك لا يبلغ شيئاً, فالإنسان يعمل كثيراً ويتعب, لكنّ ذلك له شرائط. فيجب أن يضيء الضوء حتماً, ويجب أن تكون كلّ سلسلة الأسباب متحقّقة, فلا بدّ وأن يوجد المصنع, ويوجد من يمدّد الأسلاك, ويوجد عدّاد الكهرباء ومحافظ له, وشيء تخزّن فيه الكهرباء, ترانسورات مختلفة ـ كلّ ذلك كي يتمكّن الموظفون من إيصال الكهرباء إلينا, ومع تحقّق جميع هذه الوسائل, إلاّ أنّ طرف السلك الذي في يدنا لم نوصله ولم نضغط عليه قليلاً, فسوف لا يتحقّق الاتّصال, وبالتالي تضيع كلّ هذه المتاعب والزحمات هدراً! لذلك لا بدّ من رعاية هذا الأمر أيضاً.

    

عاقبة ترك العمل هي الخسران

 

وها نحن نشاهد ضمن تلاميذ المرحوم القاضي أنّ الأشخاص الذين عملوا قد ترقوّا, ومن لم يعمل لم يتقدّم. ينبغي أنْ لا نقول: إنّ كلّ تلاميذ السيّد علي القاضي قد وصلوا بأجمعهم!
فبعضهم رجع إلى إيران, وذهب إلى هذه المدينة وتلك المدينة, وتصدّى لإمامة الجماعة, وصار من أهل السياسة, وركض وراء الوظائف والنيابة والمجلس في ذاك الزمان و... كلّ ذلك بعنوان خدمة الإسلام وما شابه ذلك, ولم يكن المرحوم القاضي راضياً عنهم, وكان ينبئ عنهم ببعض المسائل...
فأحد تلامذة المرحوم القاضي قد ذهب إلى آذربيجان, وبعد سنة, أتى شخص من "آذربيجان" ليزور السيد القاضي, فسأله عنه، فقال: الحمد لله: لقد أحاط به المريدون والمحبّون وأصبح من الوجهاء والمبرّزين. والحاصل أنّ المرحوم القاضي قد تأثّر لذلك كثيراً, وقال: هذه المجاملات والصداقات, أي: اشتهار الإنسان بين الناس وإحرازه الشهرة لهي آفّة عظيمة! وهي أمر خطير يعني: نفس معرفة الناس بالإنسان وقصدهم إيّاه، فكلّ شخصٍ له حاجة ومطلب, فحاجات الناس عادة تدور حول المعاش والخبز والمرق وما شابه ذلك, بل لا ترقى لذلك أيضاً. ومن ناحية أخرى فهذا الشخص ليس كاملاً ولا واصلا إلى سدرة المنتهى ولا متربّعاً عليها, ولذا سوف يغرق في كلّ هذه الكثرات وينشغل بها, وبالتالي سيخسر روحه, فمن هذا رجاء، ومن ذاك طلب، وهذا سلام وذلك صلوات وهذا يقبّل يده وهذا قدمه.. حتّى ينقضي عمره, وأمّا ذاك الشخص الذي يجتنب الشهرة, فهو لا أقلّ يستطيع أنْ يحزم أمر نفسه ويجمع ذاته, ويتعمّق في ذاته ويغوص فيها, ويسعى إليها بواسطة السكوت الذي بيّناه, حتّى يتسنّى له بلوغ مرحلة معيّنة.
كان الميرزا حسن النوري (رحمة الله عليه) ـ والذي توفّي أخيراً بسبب حادث سيّارة وانتقل إلى رحمة الله ـ يقول لي: كنتُ يوماً عند السيّد البروجردي ـ رحمة الله عليه ـ حيث قال لي: أي ميرزا حسن, إلى اللحظة التي كنّا فيها في بروجرد كنّا فيها لأنفسنا, وحينما أتيتُ إلى قم فأنا لم أعدْ لنفسي وإنّما للنّاس! هل التفتّم؟! هذا كلامه, وهذا كلام صحيح.

    

نجاح مدرسة السيّد عليّ القاضي في الرقيّ

 

نعم, على كلّ تقدير فإنّ المرحوم القاضي قدّ ربّى تلاميذ, وكانوا مؤدّبين وموقّرين وصبورين وشاكرين وعادلين إلى حدّ أنّ الحاجّ الشيخ عبد الهادي الشيرازي ـ رحمة الله عليه ـ والذي كان من المراجع البارزين في النجف, وكان شخصاً متّقياً حقّاً, كانَ يعدّ شهادة كلّ واحدٍ من تلامذة المرحوم القاضي تعادل شهادتين. يعني: أنّ الواحد من تلاميذ المرحوم القاضي فيما لو أتى إليه وشهد في قضيّة أو مرافعة معيّنة, كان يحسب شهادته بيّنة تامّة! دون الحاجة إلى عادلين.
وكنّا نسمع مراراً أنّ تلامذة المرحوم القاضي كانوا كذلك، لماذا؟ لأنّهم كانوا مراقِبين بشكل دائم, يراقبون عمل أنفسهم, كانوا يدرسون بشكل جيّد, فجميع تلامذة المرحوم القاضي كانوا طلبة ومحصّلين, وكانوا جميعاً عدولاً, وكانوا أهل مراقبة بأجمعهم, وذلك إلى حدٍّ لم يكن معهم مجال للتفريح وللذهاب إلى نهر الكوفة للسباحة! فالسباحة ليست حراماً, إلاّ أنّ السالك المحظوظ بالعجز والمبتلى بألف ألم, ليس له مهجة على هكذا رحلة نحو النهر ليسبح, آخذاً معه السماور وعلى ظهره الزوّادة.. حتّى يعبر النهر من هذا الجانب إلى دون أنْ يتبلّل السماور والبساط, ثمّ يصلوا إلى تلك الضفّة من النهر يجلسون ويفرحون ويمضون طوال النّهار من الصبح حتى الغروب, ثمّ يرجعون ويستعدّون لدرس السبت أو ليلة السبت، وحتّى لو كان كلّ ذلك تفريحاً وهو ليس بمعصية, بل أصل كلامنا ليس عن الحرام والمعصية... إلاّ أنّه لم يكن لديهم مجال لذلك, بل كانوا يصرفون أوقاتهم بالدرس والبحث والمراقبة والمحاسبة والسهر في مسجد الكوفة ومسجد السهلة, وهكذا كانوا يقضون أيّامهم حتّى أنّه يندر أن يبقى لديهم وقت آخر.
وكان للمرحوم القاضي ـ رحمة الله عليه ـ أربع نساء في أربعة بيوت, فكلّ واحدة من هؤلاء النسوة كان لديها منزلها الخاصّ ولكن نفس المرحوم السيد القاضي لم يكن له منزل, أبداً! ومع ذلك كان في كثير من لياليه يبقى لوحده وبمفرده ـ فهو رجلٌ مسنٌّ ذو ثمانين سنة أو بين السبعين والثمانين, فقد توفّي عن سنٍّ يناهز الواحد والثمانين ـ وحيداً في حجرةٍ من حجرات مسجد الكوفة أو مسجد السهلة, غريباً وسط الصحراء في مسجد لا ضوء فيه ولا أحد هناك!! وفي بعض الليالي لم يكن أحدٌ هناك حتّى ولا شخص واحد. حسناً فهؤلاء أيّ عملٍ يقومون به؟! هل لم يكن لهؤلاء عمل؟!

    

لزوم العزلة والخلوة في الطريق إلى الله

 

وكذلك نبيّ آخر الزمان, حيث كان يذهب من مكّة ليبقى في غار حراء وحيداً منفرداً, يبقى يوماً أو يومين أو أسبوعاً أو أسبوعين, وفي بعض الأحيان كان يبقى شهراً, وكانت السيّدة خديجة تطوي ذاك الطريق الصعب نحوه, وكانت تحضر له أحياناً الطعام. كلّ ذلك لماذا؟ ينبغي للإنسان أنْ يفكّر في ذلك! هل ذلك الطريق موصل واقعاً أم لا؟! هل أراد مجرّد قضاء وقته وملء فراغه!! فذهب إلى أعلى الجبل ليتفرّج وتسرح عينيه في الطبيعة ويفكّر في آثار الطبيعة؟! لا ليس الأمر كذلك, لم يكن ذلك إلاّ فراراً من الازدحام والغوغاء, وعدم استماع ضجيج شياطين هذا العالم وصخبهم, وبالتالي التمركز والسكوت مقابل ذلك وجمع النفس وحزمها.
فنبوّة النبيّ لم تكن في أزل الآزال, بحيث أنّ كلّ تلك المراتب والمدارج قد أعطيت للنبيّ, ثمّ ليقول الله له تصنّعاً: قمْ وتظاهر أنّك تعمل هذه الأعمال!! كي يتعلّم الناس كيف يتسلّقون إلى غار حراء!! لا.. بل كلّ هذه المتاعب والمشقّات التي تحمّلها إنّما كانت مقدّمة للوصول إلى ذاك الهدف، نعم هذا الهدف هو حصيلة الإرادة الإلهيّة أيضاً, وغير خارج عن الإرادة الإلهيّة الأزليّة, فإذن النبوّة والولاية وهذه المسائل ليست خارجة عن اختيار النبيّ وأمير المؤمنين وأمثالهم, وجميع تلك الخطوات التي اجتازوها إنّما كانت في طريق العلم والأدب والتربية, ويجب أنْ يكون ذلك حافزاً لتربيتنا وتعلّمنا في الصراط.

    

لزوم الحذر واليقظة والرعاية

 

ولو عملنا كذلك سوف نصل وإلاّ فسنتأخّر, وإطلاق اسم السالك على أنفسنا لا ينفع ولا يعالج الأمر! بل يجب أنْ يكون الإنسان مسلّماً واقعاً وحقيقة في مقام الولاية, ويجب أنْ تخضع روحه بشكل واقعيّ. على الإنسان أنْ يتجنّب إكثار الكلام والمزاح الزائد. ولقد أنذرتُ بعض أولئك الرفقاء الذين كانوا في طهران أنْ لا يمزحوا! لا تمزحوا في المجالس! لا تثرثروا! ولا تضحكوا! فهذا يضركم جداً! حسناً, أيّ شيء ينبغي أنْ يقوم به الإنسان؟! فإنّه بالمقدار الذي يعمل به ويحزم نفسه سوف يصل, وإلاّ فهو الذي يبقى, وعليه فما الذي ينبغي على الإنسان أنْ يفعله يا سيّدي؟!
ها نحن قد اجتمعنا وجلسنا هنا ونقول دائماً: يا للعجب! هذا أمير المؤمنين صاحب الولاية, مع كلّ هذه الخطب العجيبة التي يلقيها على مسامع أهل الكوفة, حيث إنّ لغتهم عربيّة، وكلّهم يعرفون اللغة العربيّة, إذنْ لم يكونوا يسمعوا أبداً؟! لمَ لم يصغوا؟! لماذا كان أمير المؤمنين يقول دائماً: قد أدميتم قلبي وملأتموه قيحاً. لماذا لا تفهمون كلامي؟! واقعاً الإنسان يتعجّب, فهم لم يفعلوا. فما معنى التعجّب؟! بل خلاف ذلك هو الموجب للتعجّب!! هذا هو الواقع؛ لأنّه إنّما يتمّ النداء والدعوة للجميع, ومن يريد العمل يعمل, ومن لا يريد العمل لا يعمل, فليس بين الله وبين أحدٍ ذرّة من الشراكة.
قد بيّنتُ لبعض الرفقاء أنّه نحن الذين بلغنا من العمر الستّين والسبعين, وشابتْ محاسن وجوهنا وانتشر الشيب فينا, ومع ذلك كم مرّة ذهبنا ورجعنا!! فكم مرّة مرضنا مرضاً مهلكاً قطعاً ثمّ رجعنا وتعافينا, والآن عمرنا ليس أكثر من بضعة أيّام, فنحن الآن واقعون لا محالة تحت حساب!! فالله يحاسبنا بشكل لا يتصوّر أصلاً!! لا يخطر على الخيال! أنا أقول لكم هو شيء لا يصدّق!! حينما نكون واقعين تحت حساب كذلك, وهذا بالنسبة للحسنات التي أتينا بها لا السيّئات!! إذا كان الحساب ينتظرنا فعلينا أن نعطي إذاً, فهو حساب صعب جدّاً, حينئذٍ كيف يمكنني أنْ آتي وأدّعي أنّي أتحمّل حملكم؟! وأيّ حمل هو! أوزاراً سيّئة.. وأثقال الخطيئة.
أيّها السادة الطلبة! إنّ زيارة الإمام أو إلى مكّة يجب أنْ يتمّ الذهاب إليها مشياً وحافي القدم, فلا يركب سيارة الأجرة ولا يصرف مالاً زائداً, وإنّما نخطو هذه الخطوات القليلة التي تفصلنا عن الحرم مشياً مع كامل الاحترام لحريم الإمام الرضا, ثمّ نرجع مشياً أيضاً.
فأنا أوّل ما أتيتُ إلى مشهد المقدّسة كنت أبحث عن منزل, فقلنا: ليكن مكاناً يمكننا أن نتشرّف بزيارة الحرم كلّ يوم مشياً ونرجع؛ لأنّ المجاورة لقبر الإمام وبالخصوص الذهاب لزيارته مشياً هو في حدّ نفسه أمر حسن؛ لأنّها أمكنة ومشاهد مكرّمة ومعظّمة, فليس قبر الإمام بأقلّ من الكعبة, بل هو حقيقة الكعبة وروحها, وعلى الإنسان أنْ يراعي هذه الجهات.
ولكن بالطبع, حينما يذهب الإنسان مشياً فسوف يسرح نظره هنا وهناك. أيّها الطلاب, من يذهب إلى زيارة الحرم عليه أنْ يحني رأسه للأسفل ولا يتلفّت, لا أنّه يحنيه إلى الأسفل بحيث يقولون عنه: إنّك متكبّر!! فالآن صدره ضيّق ولا يعتني بأحد, فهذا غير جيّد أيضاً, بل التصنّع ليس جيّداً؛ فالتصنّع لا ينفع السالك.
على السالك أنْ يكون نفس عمله سلوكاً, فقلبه مملوء بالمطالب والمسائل التي تشغله بحيث لا يبقى لديه مجال للتفكّر والتصنّع والالتفات إلى هنا وهناك, أو أن ينشغل مع هذا وذاك, أو إلقاء محاضرات هراء! وإشاعة الغوغاء والصياح والمنازعة في المجالس العامّة وأمثال ذلك, فكلّ ذلك ليس صحيحاً. على المؤمن أنْ يكون وقوراً, بحيث حينما يراه الناس، يكون نفس عمله كاشفاً ومعرّفاً عن حاله.
كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: في المكاره صبور. أي: في المواضع المزعجة والمخالفة للطبع والمزاج يجب أن يصبر. أي: مهما أمكن للسالك أن يكون وقوراً وصبوراً, الوقور يعني: أن يكون هادئاً ذا سكينة, بأن يكون متيناً وموزوناً, والصبور يعني: لا يهدر تلك الواردات التي تنزل عليه, وليس الصبور من يصبر لأجل صنع طعام لذيذ فينتظر إحضاره, فلا معنى للصبر بغية تناول الطعام اللذيذ, وإنّما الصبر هو فيما لو لم يكن لديه طعام لذيذ فيصبر على عدمه. فالصبر على الأمور المزعجة, كأن يصبر على سماع كلام سيّئ في حقّه, أو أنْ لا يسمع كلاماً مناسباً من أبيه وأمّه وأخته وأصدقائه, أو أنْ يسمع كلاماً غير مناسب, فيتجاوز عن ذلك بواسطة سعة صدره واستيعابه للأمور.
ويؤثر أصدقاءه في الله على نفسه, أي: يقدّمهم, ولا ينظر إلى هذا الإيثار ولا يركّز عليه. كأن يقول مثلاً قد فعلنا كذا وكذا ذاك اليوم, وكذلك هذه المرّة قد تنازلنا عن حقّنا وأعطيناه إيّاه, وإذا أراد أنْ يركب الباص أسرعنا وقدّمناه علينا, بل لا يلتفت أصلاً إلى كلّ ما يفعله من الخير لأجل رفقائه, بل يرى نفسه مقصّراً أيضاً, فهذا يؤدّي إلى ترقية نفسه. والغرض: أنّ الله عالم بالسرّ والخفيّات, وطبقاً لتلك الأعمال التي يقوم بها سوف يجازيه ويكافؤه, وتكون مكافاته وعطيّته دون تأخير. وحينئذ يحصل على العطاء الإلهي ويتذوّق لذّة المناجاة الإلهيّة.
كان أوّل دستور للمرحوم القاضي رحمة الله عليه لتلامذته هو القيام بصلاة الليل والنوافل, يعني هل يعقل أنّ طالب العلم يكون سالكاً ولا يصلّي صلاة الليل أصلاً؟ ويقول: قد تجاوزنا هذه المرحلة!! أو يتذرّع بأنّه مشغول بالدرس وأنّ الدرس مقدّم وأهمّ من هذه المسائل! أو أن تسوّل له نفسه بأن يقول: أنا متعب هذا الليل.. إن شاء الله أقوم غداً ليلاً لصلاة الليل بهمّة عالية...
أصلا فلنتجاوز عن أحوال السالكين, فالمؤمنون والصالحون العاديون لم يتركوا صلاة الليل في عمرهم, والآن نشاهد بأعيننا أنّ بعض الناس العاديين الذين ليسوا من أهل السير والسلوك, وليس لديهم ذاك الألم في قلوبهم و... إلا أنّهم أناس صالحون جيدون, ومواظبون على صلاة الليل, وهو أمر هام جدا, وبناء على ذلك فكيف للسالك أن يترك صلاة الليل ويهملها؟! أصلا لا يمكن أن يتأتّى ذلك من السالك, لا يمكن أبدا!
ولو تأمّلنا بعمرنا وحياتنا كيف تمضي، نجد أنّ عمرنا ينقضي ويضيع هباء منثوراً, وسبب عدم موفقيّتنا للقيام بالعديد من الأعمال المطلوبة منا, أو أنّنا نشرع ببعضها ولا نوفّق لإتمامها.. سبب ذلك هو أنّنا شغلنا أنفسنا بالعديد من الأمور التي لا طائل منها, هنا وهناك.. فإذا أردنا أن نتناول الطعام, نفترش له تلك السفرة المفصّلة, ونجلس ونهتمّ بقدّمات السفرة وبروتوكولاتها التي لا تضيع وقت الإنسان..
فدع "النرجيلة" جانباً! وقلّل من لقاءاتك مع الناس! حينئذ ستجد أنّك تمتلك متّسعاً من الوقت.
يقولون: كان المرحوم الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه يراقب تلامذته بشكل جيّد كي لا يتركوا صلاة الليل, إلا أنّ بعضهم كان يتعلّل قائلا: سماحة الشيخ! نحن نطالع وندرس, لدينا مطالعة مكثّفة, فإذا تفرّغنا لصلاة الليل لا يبقى لدينا وقتٌ للدراسة والتحصيل بشكل وفير وكافي.
فأجابه الشيخ الأنصاري: هل تشرب "النرجيلة"؟ ففي ذاك الزمان كان الجميع يدخن النرجيلة, فقال له: نعم, فسأله ثانية: كم يطول تدخين النرجيلة كل مرة؟ فأجابه: ربع ساعة تقريبا, فسأله: كم نرجيلة تدخن كلّ يوم؟! فإذا كانت كل واحدة تستغرق ربع ساعة...
يعني الشيخ الأنصاري قال لهم: لا تكن صلاة الليل بالنسبة لكم أقلّ من قيمة النرجيلة!! فنهوضك ليلاً والقيام بصلاة الليل ثم العودة للنوم... كلّ ذلك لا يستغرق أكثر من ربع ساعة.. فنحن لا نطلب منك أكثر من ذلك. ولكن حينما تكون مهتمّاً جداً بالنرجيلة, وتواظب عليها مرتين أو ثلاث مرات طوال الليل والنهار, وتصرف لها من الوقت في كل مرة ربع ساعة كاملة, مع تلك المطالعات البحوث العميقة والثقيلة!! فإذا كان الأمر كذلك فاللازم عليك أن تهتمّ بصلاة الليل أيضاً ولو بقدر شربك للنرجيلة لمرة واحدة!
فالزيارة مع مراعاة الأدب جيدة جداً.. ويجب أن يتسلّح الإنسان بالتوسّل بشكل دائم.. كذلك يجب أن يتمتّع الإنسان بالجدّية العالية في التزامه بالعمل.. كذلك يجب أن يتمتّع الرفقاء بأعلى أنواع الصداقة والعلاقة الحميمة.. صداقة دافئة جداً وعلاقة من الصميم وبشكل قوي.. وأن يكونوا مجدّين ومجتهدين في مساعيهم لحل مشكلاتهم التي تحلّ بهم.. ليؤثر كلّ منهم على الآخر.. بحيث لو شاهدهم وتعرّف أولئك الأشخاص الذين لم يطّلعوا على الإسلام بعد, ولم يتعرّفوا على القرآن أو الذين لم يطرق أسماعهم السير والسلوك أو لم يفهموا معنى العرفان, عند تعرفهم على الإخوة يفهمون أنّ تلك هي حقيقة الإسلام والنبوة وروح الولاية. فالسلوك إنّما يعني المثابرة والسعي لعبور ذاك الصراط الذي خطى عليه وطواه أمير المؤمنين عليه السلام, وليس لا قدّر الله أن يبهت ويقول: عجيب!! فهؤلاء هم كذلك مثل الآخرين!!! فأي فرق بين الآخرين وهؤلاء؟!! ضجيج وجعجعة واستهزاء ومسخرة، فهؤلاء كذلك هم أكثر من الآخرين في ذلك!!
لا... من الجيد أن يبتعد الإنسان عن كلّ ذلك, فجميع ذلك هو ضرب من الاحتيال, وكلّ ذلك لا قيمة له و أجوف.. فإذا كانت أعمال الإنسان مبنيّة على ذلك، فهذا يعني أنّه محتال ومخادع؛ لأنّ الله تعالى إنّما يجازي حسب الحقيقة والواقعيّة, ولا يتعامل مع هؤلاء على أساس ظاهرهم حينما يتغافلون عن الباطن والحقيقة! فكل شخص يريد أن يأتي فبها، وكل من لا يريد فلا.
قال رسول الله وهو على جبل الصفا: يا بني عبد المطّلب! إنّ لي عملي وإنّ لكم عملكم, فالشخص الذي يأتي من تلك البلاد البعيدة ويستمع ويعمل ويطيع ويستفيد ويحصل على النتيجة ويبلغ مراده, سوف يبلغ مرتبة يصبح معها ينظر إلى كل شيء من الكون والمكان والسماء والأرض بواسطة الرؤية الربطية والتوحيدية, فتتجلّى أمامه حقيقة التوحيد, ويبلغ حقيقة ما نقرأه في الأدعية ويلامس تلك المعاني الواردة فيها ويتحقّق وجوده بها, ويتنوّر سرّه بحقيقة التوحيد.
فرشده هذا إنّما يرجع إلى هذه النقطة, هي أنّ المسير والطريق الذي التزم به وسار عليه عمليا، بينما نحن بقينا في المنزل وبقيت يدنا خالية! وهو ما يؤسف كثيراً, فنحن لدينا تأسّفات كثيرة جداً جداً, لأنّ كلّ خليّة من بدننا مهيّأة للتكامل.. وكلّ خليّة من دماغنا معدّة ومهيّأة للوصول إلى الكمال، وكلّ كلام نتفوّه به أو كلمة تصدر من فمنا, أو حركة نقوم بها, أو فكرة نفكّر بها, أو كلّ خلية تموت في بدننا ويتولّد مكانها خلية أخرى, حيث من اللازم أن تتشكّل الخلايا الجديدة في طريق حياة الإنسان وتكامله, وكذلك الخلايا التي تضمحل وتموت, ينبغي أن تكون في طريق تكامله أيضا, والحال أنّنا نلاحظ أنّ جميع هذه الطاقات إنّما تذهب هدراً وتحترق وتذوب وتتعفّن وتبتلى بالأفكار الشيطانية, ولا قدّر الله يقع الإنسان في حبال الشيطان وأذياله, والحال أنّه يخال له أنّه عبر الجسر وتجاوز النفق!!
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}[5]
يا أيها النبي! قل لهم هل أخبركم عن أولئك الأشخاص الذين يظنون أنّهم مفلحون والحال أنّهم أشد الناس خسارة؟ أولئك الذين أهدروا جميع طاقاتهم وأذهبوا كل ما لديهم من طاقة وأذابوها بالأفكار الدنيوية والأمور الاعتبارية والمصالح والمنافع والأفكار اليوميّة المستهلكة والتي لا تبتني على أصل أبداً, لا أساس لها, فأذهبوا عمرهم بهذه التخيلات, وراحوا يهرعون وراء هذه الحياة! وهم يظنّون أنفسهم أنّهم أفضل وأرفع من الآخرين, أو على الأقل يظنّون أنّ عملهم جيّد, والحال أنّهم أسوء حالاً من الجميع {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} فهم أناس قد أضاعوا أنفسهم, وأهدروا كل مساعيهم وأراقوا رؤوس أموالهم وطاقاتهم ومجاهداتهم التي قاموا بها في حياتهم, ففقدوا ذواتهم وأنفسهم؛ فلا يقدرون بعد ذلك أن يسيروا إلى الأمام, وطريقهم للتكامل أصبح مسدوداً في هذه المرحلة, وأضاعوا وجودهم في هذه المرحلة, يعني فقدوا حقيقة وجودهم, فلا تكامل لهم!! بل سوف يدفنون في هذا المقبرة...
اللهم صلّ على محمد وآل محمد

    

 

 

 


[1] ـ وهو مثال فارسي أصله هكذا: خرش از پل گذشت كما في قاموس دهخدا.

[2] ـ (تدور الروح دوماً في خيال *** وتخشى الضرّ مع خوف الزوال فلا تحظى بلطف أو صفاء *** ولا ترقى بسير للكمال).

[3] ـ سورة يوسف (12) ذيل الآية 39.

[4] ـ سورة إبراهيم (14) قسم من الآية 22.

[5] ـ سورة الكهف الآية 103 و 104.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      
  

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع المتقين www.motaghin.com ويسمح باستخدام المعلومات بشرط الإشارة إلى المصدر.

© 2008 All rights Reserved. www.Motaghin.com


Links | Login | SiteMap | ContactUs | Home
عربی فارسی انگلیسی <-- -->